- عبدالرشيد الفقيه
قبل أيام من وفاتها ، زرنا الدكتورة رؤوفة حسن أنا ورضية ، حيث كانت ترقد في شقة صغيرة في العاصمة المصرية القاهرة ، كنا نخطط أن تكون زيارة خاطفة حتى لا ننهكها ، وهكذا اتفقنا معها ومع مرافقها قبل الزيارة، لكن بحماس الدكتورة ورغبتها تحولت الزيارة من خمس دقائق إلى ساعات ، تحدثت خلالها الدكتورة رؤوفة بإسهاب عن محطات ومواقف وتجارب وخلاصات عشرات السنين من العمل الدؤوب والحقيقي ، وبطريقتها المعهودة في الندوات والمحاضرات والنقاشات ، كان حديث ثري وسلس وشيق لا يُمل ، ولم يخلو من قفشات – بطريقتها الفريدة ، أضحكتنا تارة وأبكتنا أُخرى .
تعرفت في لقاء الوداع هذا على جانب إضافي مهم في شخصية الدكتورة رؤوفة ، من خلال إحدى الخلاصات المهمة ، يتمثل هذا الجانب في مهارة ترتيب الأولويات وموائمتها مع أولويات المجتمع بناء على التجربة والتراكم ، فحين تطرقنا في النقاش لموضوع الحجاب ، وبعد تأكيد احترامها لتقديرات وخيارات الأخريات والآخرين المختلفة عن خيارها وتقديرها ، قالت :
” وصلت لقناعة بارتداء ( الحجاب ) حتى ينشغل الناس بما هو داخل رأسي بدلاً عن انشغالهم بشعر رأسي “
أتذكر الكثير من المواقف والخلاصات التي سردتها في هذا اللقاء، جانب منها عن جماعات دينية وقياداتها ومنابرها تفرغت لإيذائها والنيل منها والتحريض عليها ومحاولة تصفيتها ، وعن خذلان الكثير من الأصدقاء والفاعلين في مواقع مختلفة ، وعن رحلة هروبها هلعة مكشوفة ووحيدة .
هل استطاعت حملات التلفيق والتحريض الضخمة أن تسحق رؤوفة حسن ؟ هل أنهتها ؟ هل أنهت تصوراتها وأفكارها وقناعاتها ورسائلها ومواقفها ؟
الإجابة اليوم واضحة جلية في إحياء اليمنيين واليمنيات ، من توجهات وخلفيات مختلفة ، ذكرى وفاتها بهذا الزخم ، بهذا الحب والتقدير والفهم لمسيرتها ونضالها ولما تمثله من نموذج وقيم ، فيما يتزايد وعي الناس بسوء وعبثية وخرافية وكارثية وسفاهة من تولوا كبر إيذاءها واستهدافها والنيل منها وكل اقتفى طريقها .
هذه ليست ذكرى وفاة الدكتورة رؤوفة حسن ، بل عيد ميلادها وحضورها ، يُحيى بوعي وتقدير وشغف من خلال إيقاد شموع جديدة للوعي والمعرفة بقضايا ناضلت طيلة عمرها من أجلها : المرأة والمساواة والعدالة ، التعليم ، دولة القانون ، المجتمع المدني ، حقوق الإنسان ، حرية الصحافة ، الديمقراطية والتعددية .