- يحيى الحمادي
غابُوا جَمِيعًا.. ولكنْ أَيُّها البَلَدُ
إِنْ لَم تَغِب أَنتَ عَنِّي لَم يَغِب أَحَدُ
مَحَّصتُ أَعدَاءَ قَلبي مِن أَحِبَّتِهِ
كانُوا عَدُوَّ حَبيبٍ، أَو حَبيبَ عَدُو
أَشقَى الجِرَاحَاتِ عِندِي مَن لَهُ وَجَعٌ
بَعدَ التَّدَاوِي؛ وهذا جُلُّ ما أَجِدُ
ما حِيلَتِي فِي زَمَانٍ كُلَّما فُقِدَت
قَصِيدةٌ فيهِ قالَت: خانَكَ العَدَدُ!
لَمَّا طَغَى المَاءُ.. نَادَى شــاعِرٌ قلقٌ
مِن بُقعَةٍ شاطِئَاها المِلحُ والزَّبَدُ
يا مَن عَلى غَيرِ نارٍ تَطبُخُونَ دَمِي
لَم يَبقَ في القَلبِ إِلَّا الوَاحِدُ الصَّمَدُ
قلبي لَهُ اللهُ مِمَّا تَصنَعُونَ بهِ
حتى -على الحُزنِ مِنكُم- نالَهُ الحَسَدُ!
مَن أَغضَبَ البَحرَ حتى هَاجَ مُندَفِعًا
بَينَ الحَنَايا كَمَا لَو أَنَّهُ كَمَدُ؟!
كَم قُلتُ لِلشِّعرِ: كُن بي شاعِرًا.. فَأَنَا
مُذْ أَبْجَدُوا والقَوَافِي فِي دَمِي عُقَدُ
قَاسَمْتُها مِن حَيَاتِي ما الحَيَاةُ بهِ
جادَتْ، فلم يَبقَ إِلَّا أَنتَ، والجَسَدُ
فِي كُلِّ سَطرٍ حَبيبٌ غابَ.. أَو وَطَنٌ
خَلفَ القِيَامَةِ يَعدُو، ما إِلَيهِ غَدُ
يا سَاعَةَ الصِّفرِ ماذا أَنتِ فاعِــــلَةٌ
بِالصِّفرِ إِنْ شَدَّ ذَيلَ العَقرَبِ الأَبَدُ!
يا سَاعَةَ الصِّفرِ كُفِّي عَن مُطَارَدَتِي
لَن يَغلِبَ الدَّهرَ هذا السَّبتُ والأَحَدُ
هذي الثَّوَانِي خُيُولٌ غَيرُ جامِحَةٍ
والشَّوكَةُ الأُمُّ ثَكلَى ما لَهَا (وَلَدُ
لَن أُقفِلَ القَوسَ، حتى أَستَعِيدَ فَمِي
أَو يَفتَحَ البابَ قَلبٌ يابِسٌ ويَدُ
فالسَّاعَةُ الآنَ: عُمْرٌ واحِدُ، ولقَد
فَرَّقتُهُ لِلجِيَاعِ السُّمرِ.. فاتَّحَدُوا