- ريان الشيباني
سيبقى سوء الفهم قائم دائماً في المسألة الدينية..
نقول دائماً إن محمد عبدالمجيد الزنداني صار شخصية عامة، والحديث عنه، بما يتضمنه من إشادة، وتهكم، وقبول ورفض، شيء في سياقه الطبيعي. صحيح إن التنمر مرفوض، لكن الزنداني أيضاً شخص بالغ، ويعرف كيف يتنمّر هو الآخر، وبطريقته.
لكن يجب أن يفهم هلع الناس من “اكتشافات” الزنداني، على إنه ليس كما يتم تصوريه، باعتباره صراع بين الإيمان والإلحاد، الحق والباطل، لأنه لا أعرف أين أقبض على المسألة الدينية، في قول رجل إنه على وشك أن يخترع علاج لوباء، ورد عليه الناس: ننتظرك.
هناك شيء لا يمكن تجاهله، مع ذلك في كون الزنداني رجل دين ومخترع لا يمكن فصل الشيئين تقنياً عن بعضهما، مع الخشية الشديدة للناس من أن يضفي الأمر الأول قدسية على ما يعمله، فيظهر حديثه عن الاكتشافات وكأنه أصل في المسألة الدينية، بما يترتب على ذلك من الخوارق والمعجزات، كما يظهر التشكيك في هذه الاختراعات، من قبل الجمهور المناويء، وكأنه تشكيك في الدين، وهو ما حصل بالفعل.
لزمن طويل، حظيت براءات الاختراع، باحترام وتقدير العالم، لأنه كان يراد منها إنقاذ البشرية، لا السيطرة على أدمغتها. من منتصف القرن الماضي، دأب رجال دين كثيرون، على البحث عن “المعجزات” في ما يسمى بـ”الاعجاز العلمي” وأبحاث “الطب النبوي”، وهذه مسألة تبدو من قريب، وكأنها لا شأن لها بالعلم، لأنها تفترض تحقق الشيء بالضرورة، ولا تقبل بنتائجه السلبية، بالضرورة أيضاً. لكن على اعتراض الناس عليها، تبقى شأناً لاهوتياً، ليس من المفيد الخوض في جدالاته.
مؤخراً، إقترب “الإعجاز العلمي” من مسائل علمية أكثر حساسية، لكنه ظل يتعامل معها بنفس اليقينية، على إنها في أصول الدين والعلم معاً. لكن العلم يحتمل كل شيء، بما في ذلك النقد، والتشكيك، لذا ولشخص يحمل شهادة في “علوم الحديث” ويرى -بحكم التخصص- التحدي الذي يفرضه التدقيق في أشياء مكانها المختبر، وليس أرفف اللسانيات.. فرصة:
يعطي خلط الناس بين ما تعتبر “قدسية” للدين وبشرية “معتنقيه” فرصة لتعميق هذا اللبس، وجعله أمراً واقعاً. لقد رأينا خلال سنوات عديدة، كيف خاض الشيخ عبدالمجيد الزنداني، في السياسية حتى دمغ بها، وهذا حقه.
لكن ليس له أن يرسم للناس مسلكاً يراه صائباً، بينما لا يقبل ما يرتضيه الناس لأنفسهم، من معيشة، يرونها مناسبة أيضاً، ولا تقل -فيما إذا نظرنا لها أخلاقياَ- “خيرية” عمّا يريده الرجل. لكن من سيدع الناس وحالهم.
لذا، وفي كل ذلك، لا يمكن إغفال الإخفاق السياسي الذي حاق باليمنيين، عند الحديث عن “الاختراعات” المتواصلة لعائلة الزنداني، ذلك إنه كيف يمكن لمسن منفي، مثّل سوء تقديره السياسي؛ لما يمكن أن يكون عليه مستقبل بلده جزء من وجوده خارج بلده، أن يكون محل ثقة، في أشياء، لو كانت نافعة، ما وجدنا أنفسنا في كل هذا الدمار.
بالمناسبة، لا يزال الشعب اليمني ينتظر علاج الفقر، الذي قطع له الزنداني وعداً باختراعه، وبما يعفينا عن التساؤل مرة أخرى، عمّا يجعل الناس يلجأون للتهكم، حين تعييهم الحيلة عن قول كل هذا الكلام.