- عبد الرحمن بجاش
” أزعم أنني تجاوزت سن النبوة والزعامة ولست بحاجة إلى تدليك أو نفاق وتملق ذوي الشأن والبأس والسلطان ، فقد بلغت سن الشتات بجدارة ……….” ، ” ……وقد قدر لي الوقوف على الأطلال والجماجم ، والخرائب ، وحكم علي بالهرم المبكر والشيخوخة المستعجلة من تلك اللحظة من هول ماعشت وشاهدت ” ….
الآن عرفت منصور هائل …فقدظللت سنوات أبحث عن إجابات للأسئلة التي ظلت مرتسمة على ملامح وجهه ..
“……فضلا عن أنه قصم ظهورنا ، وأعمارنا وأهدر أحلامنا وآمالنا وفرصنا في الحصول على رخصة للإقامة في العصر والتاريخ …”
الآن عرفت مالذي خسرنا نتيجة ماحصل ذلك اليوم وتوابعه …..
” …..تبدد حلمنا دون رجعة في استكمال مرحلة (( التحول الى الاشتراكية )) ، وفي اختراع وطن ….
الآن فقط أدركت أن لا مستقبل ، بالذات بما يتعلق بالوطن …
لاتنكأ الجراح !!! أي جراح سأنكا ، هي منكوءة أصلا ودماءها ستظل طرية كلما تجدد الوجع وهو يتجدد كل لحظة ،فالصراع لم يهدأ حتى يبدأ ، بل يبدأ ليلد جولة أخرى وهكذا ….
مسكت القلم البلسن كما كنا نسميه للإشارة تحت ما أراه مهما أو قويا أو أو ، لاجدني وقد أشرت على كل صفحات الكتاب وخرجت منها إلى الغلاف الأول والأخير …الشيء الوحيد الجميل غلاف الكتاب وإخراجه ..أما ما أحتواه فنار وجحيم، بركان عدن ..هذيان الحطب …
هنا تكمن أهمية كتاب منصور.. ومنصور قال مالم يقله أحد، وكتب كما لم يكتب أحد ، وتألم كما لم يتألم أحد ، وأكتشف في البداية لا في النهاية أن الحلم تبدد والتجربة ضاعت وصرنا هباء منثورا ….
أروع الكتابة , أن تكتب وقلمك في قمة ألمه …
الان أنا عرفت منصور هائل ، ودريت بما حدث في يناير13 ، 86 ، شيئ لايمكن وصفه ، شيئ فوق مستطاع إدراك الانسان على الإدراك …
الخلاصة أن الرفاق ذهبوا ، والشباب ذهبوا، ورفاق القلم والقرطاس ذهبوا ، ومن ظل يناضل بالكلمة ذهب …….ولم يبق سوى السماء والبحر شاهدان على أحقر فعل بشري تم ذات أيام فأودى بكل شيء إلى هاوية اللاشيء ….
الأن فقط اأفقت لأطلع على أبشع كارثة ألمت ببلد أو شطر من بلد حلم ذات يوم ،فوصلت إلى أرواحنا دفقات من ذلك الحلم الذي تبدد الآن …يؤكد تبدده استمرار من لا عقول لهم متسيدين للمشهد ….
والخلاصة :
” أقول دون تردد إن الموت أصبح بعد يناير يلازمنا ويتنزه بيننا ويتنفسنا ويروضنا في اتجاه إستعذاب رائحة المأساة والخراب والكآبة والخواء ” وإلى اليوم وإلى ماشاء الله …
خلاصة الخلاصة : ماض عدمي ..ومستقبل هجر الربى وذهب ولن يعود…
هذا غيض من فيض …
لله الأمرمن قبل ومن بعد .