- زين العابدين الضبيبي
سهرٌ طويلُ البالِ
يركضُ خلفَ أجفاني
وليلٌ هاربٌ منْ منتهاهُ
أظنُّ روحي
أدمنَتْ خمرَ السهادِ
وتحتَ جمجمتي
احتفالٌ صاخبٌ
ما عدتُ أعرفُ
غيرَ أنِّي فاغرُ العينينِ
عمري كلهُ أرقٌ
وذاكرتي سهولٌ
يانعٌ فيها النعاسُ
فأينَ فرَّ النومُ؟
لا أدري
كأني مُوكَلٌ بالأرضِ أحرُسها
وأحملُها على كتفي
أمامي هادرٌ صحوٌ
ومن خلفي القذائفُ والعويل.
سهرٌ إذا أغفيتُ
قامتْ كي تؤججهُ الرياحُ /
الذكرياتُ تقولُ: إني كنتُ أرقُصُ
كلما هَدَلَ الحمامُ
على نوافذِ بيتنا
وبأنَّ أستاذَ الطفولةِ
قد رأى نهراً من الكلماتِ
يجري بينَ أهدابي الحزينةِ
أنني غنَّيّتُ للأطفالِ في فصلِ السكِينةِ
أنني رافقتُ جدي
في حصادِ البنِ أعواماً
وقالتْ: كانَ سطحُ البيتِ
بيتُ طفولتي
للحبِ داليةً
وضحكةُ أهلها
عن طيبِ قلبٍ قهوةً للعابرين.
سهرٌ يعيدُ شريطَ أيامي
فلا البيتُ القديمُ
حجارهُ بالدفءِ ترشحُ
لا الرفاقُ
يفوحُ عطرُ ودادهمْ
ويشدُّ أوتارَ الحديثِ
ولا الحقولُ هي الحقولُ
ولا مُعلِّمَ غيرَ منفى الاغترابِ
وقاحلٌ نهرُ الكلامِ
وهذهِ الأرضُ الغريبةُ
لستُ أعرفها
ويلفظُ رملها الدامي خطاي .
سهرٌ صقيلُ الحزنِ
يورقُ في مساماتِ الخيالِ
ووحدها الأحلامُ تنشرُ يُتمَها
فوق الأسِرَّةِ
والعيونُ تجردتْ من زهو غفوتها
يراودها القنوطُ
فتنثني لتشقَّ جمجمةً
تصحَّرَ واقفاً فيها السرابُ
خيالُها قَلقٌ
وواقعها انتظارٌ
مطمئنٌ في مراجيحَ السهرْ.
سهرٌ أنيقُ الظلِ عادَ لرشدهِ
متخففاً من صخرةِ الذكرى
وسادتهُ الربيعُ
يصبُّ أقداحَ الصباحِ
على الذُّرى
ويرشُّ في الأوتارِ
رائحةَ الحنينِ
مساؤُهُ دانٍ
وتحمِلهُ الأغاني الباسماتُ إلى السريرِ
يرى النعاسَ فراشةً
تعدو ويتبعها
أيدركها؟
تثاءبَ ثم نامْ.
….
- إبريل 2020م