- عبدالحكيم الفقيه
مرت على طرق القوافل رؤيتي عصرا، وأرهقها الغبار، ينوح صوت الريح في واد بلا زرع، وفي ظمأ تفتش عن ظلال أو شجر.
للحرب قافية، وللمدن العتيقة وهمها الجني، إبليس النقوش يترجم الأحلام في التبرير لليأس المرابط في الرمال وفي الحجر
عرب تواروا في ازدحام الناس وانصهروا جماعات ولاذوا بالتقهقر والشتات ليتركوا واحاتهم للروم والإفرنج وانزاحوا كقش السيل وانكسروا على الطرقات أشتاتا كأنهم بقايا من هنود أو غجر.
بالأمس كانوا واستكانوا وانزوت أشكالهم من دون أزمنة ومن دون المكان، ولملموا أطيافهم وتقاسموا كتب الخرافة واحتموا بالكهف واندثرت تفاصيل اللغات لعلهم يبنون حصنا أو قلاعا من رماد الدهر أو يلغون ما رسم الزمان من التأوه والضجر.
صفصافة المغنى تولول مثلما ناحت صنوبرة على نبع تلوث بالظنون ويرعوي قلق السنين وما ازدجر.
للشعر والشجن المقفى ومضة في قدح نار الوهج في مد البهيم، هنا الكلاشينكوف لا يقوى على قهر الكناية والمجاز وإن تمادى في الدروب الموت والجهل “المقعشش” والخناجر والهجر.
لا تذكر الماضي كثيرا يا رفيقي، لم تعد موسكو كما كانت ولا وارسو ولا لوكاتش عنوان المجر.
فاصمد بوجه المد، كن فعلا أساسيا وإياك التقهقر والتذبذب والأسى،واحذر تجر كحرف جر.
- مدينة إب.
1 فبراير 2020