- عبد الرحمن بجاش
لي قناعة خاصة بي تتعلق بالتصوير الفوتوغرافي والصور على وجه التحديد ،مفادها أن العين التي لا تستطيع اقتناص اللحظة ، القبض على لمعة الجمال أينما تكون ، فلا يصلح صاحبها لأن يكون حاملا للكاميرا …والعدسة مهمتها فنية ، لكن نقل اللحظة والجمال وتفاصيل الواقع فمهمة العين أولا …. وكل لوحة لعدنان أغنية للفضول …قصيدة للجابري ..انت فين وأغزير السلا محمد عبده زيدي ….
الريشة المبدعة هي كاميرا وهي عين وهي عدسة ، وحاملها فنان وليس مهنيا فقط …
ثم أن البعض يعتقدان حامل الكاميرا ليس بالضرورة أن يكون صاحب موقف ، صاحب قضية ، أقول وبالفم المليان. …لا…فحامل الكاميرا والريشة إن لم يكن صاحب قضية ،فلن يكون له هدف ، ولن يكون مبدعا ، فالقضية والموقف شرط واحد لأن تمارس اليد عملها ….من يحمل الريشة بلا قضية ،عليه أن يغادر فورا…
بمجرد أن شاهدت الأستاذ عبد الله هاشم الكبسي رحمه الله صورة بريشة عدنان ، اندهشت ، والدهشة قبل الحلم ، والحلم أن تحلم بوطن ،كان ولايزال ، لوحة ، قصيدة ونغم ….لأنه الوطن الساكن في أرواحنا ، يعبر كل منا عن عشقه له بمقالة ، بقصيدة ، بلحن ، بضوء يسلط على مكمن الظلام فيحيله نهار…
عدنان جمن ليس بالرسام فقط ، بل بعامل منجم ، لايحفر باطن الأرض بحثا عن بقايا لقى أثرية ، بل يرفع إلى سطح الأرض تبرها الذهب ..
لا فرق بين عين كاميرا المساح وريشة عدنان ، فكلاهما يقرأ الوجوه ويدركون أسرارها ، وكلاهما يعيدان كل بطريقته صياغة الواقع …وهنا يكمن الفرق بين السياسي والفنان ، السياسي يخرب كل عمار الأرض ، والفنان يعيد بناءها بأحجار خاصة ومواد تبدأ من ذرات الصورة الى ألوان ولغة من خضار الأرض وطينها ….
كلما تطل صورة عدنان جمن علي هنا ،يذهب خيالي وذاكرتي فورا إلى أصدقائي الأعزاء جدا عصام ومحمد وابراهيم سعيد سالم ، على عصام رحمة الله …أذهب إلى ” صم بم” فورا…وإلى عيون الأطفال الذين رسمهم ، ولا يفهم الطفل إلا من يقرأه قراءة متعمقة …..
عدنان لا ينقل أي وجه آليا ، بل يغوص في أعماقه ،يقرأه لنا ، يقول بريشته هذا هو …والحكم لكم ….و الواقع يأتي به إلينا كما هو ،فقط تكون التفاصيل التي لا نراها بادية في ألوانه …
عدنان أتى من بحر عدن ،وانا اعشقها عدن التي علمت وربت وقبلت وجمعت إلى أن اتى من فرق …وعدن عدن ياليت …عدن التي يعشقها أمين مغلس وانا اعشقها لوحة لعدنان جمن ….
أتمنى أنني قلت شيئا ….
ترتفع القبعات احتراما لريشتك ياجمن ….
لله الأمر من قبل ومن بعد .