- صادق القاضي
لا علاقة للأمر بالأعضاء التناسلية، ولا حتى بالجسد والمواصفات الجسدية.. التي قد تصرف الذهن في هذا المقام، إلى تصور أن شهرزاد ربما كانت قبيحة أو خشنة أو مسترجلة..
بالمناسبة كانت “شهرزاد” أنثى صارخة الأنوثة، بديعة الجمال، “ذات طرفٍ كحيل، وخدٍ أسيل وخصرٍ نحيل..”، كمايقول راوي أو رواة “ألف ليلة وليلة”.
لكن. في الأخير، شهرزاد مجرد شكل سردي أنثوي بديع، لحكايات تعاقب على إثباتها ومحوها أجيال من الرواة الفرس والعرب المجهولين، ونيابة عنهم كانت تحكى كل ليلة حتى يدركها الصباح، فتسكت عن الكلام المباح.
هؤلاء الرواة كانوا رجالاً، ومرة أخرى لا تتعلق القضية بنوع جنسهم، بل بنوع ثقافتهم، التي شحنوا بها هذه الرواية العالمية الشهيرة، فيما يتعلق بالجنسانية، والرؤية الاجتماعية للمرأة..
هذه الثقافة ثقافة ذكورية خالصة. وبالتالي لا أهمية لكون شهرزاد امرأة. أنثى، طالما هي تتحدث نيابة عن ذكر، وتحمل وعي رجل. وتقدم نفسها في أحسن الأحوال، كما في قصة “تودد الجارية”، باعتبارها سلعة ولو نفيسة في جراب الرجل.
هذا ما يحدث عموما خارج عالم السرد، كظاهرة إنسانية عامة، خاصةً في الشرق. رؤية المرأة لنفسها وللرجل وللعلاقة بينها.. غير مستقلة عن رؤية الرجل النرجسية لنفسه، وقبول بامتيازاته، وتقبل للعلاقة غير المتكافئة بينهما.
في اليمن على سبيل المثال. معظم النساء. بمن فيهن كثيرٌ من المتصدرات للشان العام، وحتى بعض الحقوقيات المتحدثات باسم المرأة.. ذكور.. بدرجات متفاوتة.!
كاحتياط مكرر. هذا الوصف لا يعني بحال الانتقاص من الأنوثة، فصفة الأنوثة تتعلق بالجسد، والجسد ظاهرة بيولوجية، بينما صفة المرأة تتعلق بالشخصية، والشخصية صناعة ثقافية.
..
- ملخص من الذاكرة لمشاركة قصيرة قدمتها في مؤتمر علمي عُقد في القاهرة، حوالي عام 2009، حول السرد العربي.
..