- محمد عادل الشرجبي
لدي رغبة عارمة للتدخين،رغبة تنخر في صدري كنقار الخشب، حتى أنني كنت ماراً صباح اليوم من أمام مقيل مسائي “للمخزنين” رأيت حينها قصاصة محترقة ببقايا تبغ قليل ،فطارت نفسي دون إدراك فرحاً ورف قلبي من جنباته،ولاحت في صدري غيمة من الإدمان القاهر وذلك رغم أني لم أدخن قبلها بالمطلق ،وأني غالباً أتأذى من ريح السيجار المحترق فيكتم نفسي ويدمع عيناي إلا أني اليوم كنت أشعر وكأن سهماً يخترق رأسي ولن يقدر عليه شيئاً إلا حبة سيجارة ريواس أو بالكثير كمران، التقطت القصاصة المهترئة لكني عجزت من إيجاد عود ثقاب أو قراعة كي أشعلها وأحرق فيها الناموس اللعين .
ما يبعث فيّ الإستغراب ويضمر فيّ الحقد لهذه الكيف الساحر هو أني لم أفكر قبل اليوم ولم أحلم أني أدخن قط.
دسست القصاصة في جيبي الأيسر أقصد جيب السروال .
بعدها ظل الهاجس والشجون يراوداني كمدمن محترف… لا أخفيكم ذلك الإحساس الرهيب الذي راودني حينها ،في الحقيقة أستحي أن أعرب عنه، إلا أن ذلك الإحساس يشبه احساس العاهر المدمن على الجنس ،قلت العاهر لأذكركم بمقولة جميلة لخالد شريف قال فيها ليس من النساء فقط عاهرات بل أن كل رجل لا يرد أي غنيمة جنسية مهما كانت فهو عاهر. نعود للسيجار، أن ذلك الإحساس الجهنمي بالرغبة بإشتفاط سيجارة هو نفس الإحساس الذي قد يعتريك حين تجتمع مع من تحب في لقاء جنسي مخطط له مسبقاً ،ولا فرق .
في الأخير واتتني الفرصة، علبة سجائر من النوع الثقيل ،روثمان أزرق، التفت يمنة ويسرى ، لا أحد هناك ، حبة سيجارة وقراعة وغرفة مهواء ورجل يتوق لرشق أول نفس ليطفح بذلك الشجن والتوق الفوجائيين.
تجربة لن أنساها ما حييت ،أول نفس ارتشقته فكانت أول تجربة تدخين ومعرفة فارقة ،المعرفة هي أن التدخين والجنس هما طريقان متلازمان يسيران بخط مستقيم أو متعرج ليحققا نفس الغرض، النشوة “الأوروجازم”
أول نفس وثاني نفس وثالث نفس رحت بهم بعيداً حيثما عالم الأحلام الليلية. بعد ربع ساعة عثر عليّ مغشياً عليه من هول المفاجأة أو من أثر التبغ.