- حسن عبدالوارث
في الحروب تزدهر الأوبئة ..
هكذا يرى العلماء .
وفي الحروب يزدهر الفساد ..
هكذا يفهم الساسة .
وفي الحروب يزدهر الابداع ..
هكذا يأمل المثقفون .
وفي الحروب تزدهر أمور وأحوال كثيرة ، تكون بمثابة حقول تجارب ومرايا اكتشاف لعلماء النفس والتربية والاجتماع .
كما تزدهر الأموال في الحروب على أيدي نفر من التجار وصنف من المتاجرين بدماء الضحايا وجوعهم وتشردهم ونزوحهم .
وفي تاريخ الانسان ، وتاريخ المجتمعات والدول ، تكون للحروب فصول ثابتة لا يمكن محوها أو حجبها أو حتى القفز عليها .. والاَّ لتشوَّه التاريخ بمجمله ، سرداً ودرساً ومنطلقات وحقائق .
وفي تاريخ اليمن واليمنيين ، في البدء كانت الحرب وفي المنتهى . هكذا أرى .
وقد كانت الحروب سبباً ( مباشراً في الغالب ) لقيام الدول اليمانية المتعاقبة والموازية وتشرذمها ، ولتوحُّدها وانفصالها ، ولازدهارها وانهيارها .
وكانت الحروب اليمانية – منذ سحيق الدهر – التاريخ الوحيد الذي لا يبعث على الفخر . ففيها كان اليمنيون يُظهرون أقبح ما فيهم من الصفات والأفعال والأقوال والمشاعر ، بما يتنافي جذرياً مع صفاتهم وأفعالهم وأقوالهم ومشاعرهم الطبيعية السائدة في وقت السلم ، كالكرم والنبل والجود والشهامة و ” القَبْيَلة ” والنخوة والرحمة والتسامح وسواها .
ولا تدري حينها من هو اليمني الأصل ؟ واليمني الآخر ؟ أفي الحرب يكون هذا ؟ أم في السلم يكون ذاك ؟
فحين تقرأ وتسمع وترى عن اليماني – منذ فجر التاريخ – وتدهش لما تعرفه عنه في وقت السلم ، ثم تعرف عنه في أتون الحرب ، يصدمك التقاطع الرهيب والتنافر العجيب بين هذا وذاك !
ان ثمة فرقاً شاسعاً وبوناً واسعاً بينهما . ولا تدري أيّهما كان اليمني على صورته ؟ وأيّهما على نسخته ؟
ما أعظم اليمني في وقت السلم ..
وما أسفله وأنذله في وقت الحرب !
ياله من نبيل وأصيل وصنديد ، سلماً ..
وياله من وغد بهيم رعديد ، حرباً !
ومن أقبح ما ورد في سفر الحروب اليمانية أن هذا الكائن يقتل باسم الله ، وينهب ويبغي ويغتصب باسم الله ، حتى لتظن حينها أن اله اليمنيين غير اله السماء واله كل البشر !
- يمن مونيتور