- محمد ناجي أحمد
“نحن نركض خليّي البال في الهاوية بعد أن وضعنا شيئا ما أمامنا لكي يمنعنا من رؤيته”بحسب مقولة باسكال.
ما هو هذا الشيء الذي وضعناه أمامنا كي لا نرى الهاوية التي نركض فيها؟
التغييردون تنظيم وفكر ثوري يصبح هرولة نحو ما قبل الدولة الوطنية،وما زال هذا الشيء الذي وضعناه أمامنا باسم إسقاط (النظام) يجعلنا نعيد ونكرر مهازل التاريخ مضافا إليها ذواتنا الهزيلة التي تواري حمقها خلف هزلية تدين الجدية وتصفها بأقذع الأوصاف!
يصبح الهزلي والمهرج والسطحي (ثوري) وذهانيته المستدامة (فكرا)وطريقة حياة!
هزلية في الفن والأدب والنشاط العام،كلها تصب في تكريس اللامعنى،انسلاخ المرء واغترابه عن قضاياه الكلية،واستعاضتها بنشاطات استلابية للوعي الجمعي…
وهنا تصبح مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت وسيلة وأداة كل هذا السقوط في الهاوية-تصبح مقياس الانتماء إلى وطن رقمي افتراضي ،على حساب قضم الأوطان الحقيقية؛المحجوبة بكم من الفضائيات ومواقع التواصل، والصور التي تجتاحنا متضامنة عبر الشاشات المؤتلفة الغايات والتوجيه،والمختلفة تكتيكيا في ضجيجها ولون غبارها…
لا شيء ملموس في هذه المتاهة سوى هرولتنا الدائمة فيها،وسماكة الشيء الذي وضعناه أمامنا باسم (الثورة)لنواصل السقوط بتعاطينا أفيون الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي و(أبطال الديجتال)ذوي اللافتة الحقوقية والنوبلية،فاستخدام البلهاء والبلهاوات لافتة للجوائز العالمية تكريسا لموت المعنى وإصرارا على إماتة الأمم،بما يهرولنا نحو قيعان لا منتهية…
تسقط الدولة كوظيفة تعاقدية أو معبرة عن طبقة أو طبقات لحساب تجارالحقوق والحروب الرقمية،والموت النظيف الذي لا تعلق على شاشاته لطخات دم الإنسانية،أطفالا وشبابا وشابات وكهول ومسنين ومسنات!
“إن العدو هو في ذواتنا ،في قلب المكان،وبالأحرىداخل الأرض،وليس خارجها”