- محمود ياسين
أشار باصبعه : بثرة في جبينك
خجلت عبله الرويني من اشارة امل دنقل للبثرة في وجهها ، حتى اكثر الصحفيات الحقوقيات ليبرالية واعتدادا يخجلن من البثور .
هو اشار لذلك وفي اعماقه تضطرم غلمة لحبوب الملامح النسائية متلقيات الود والفحولة.
عبله الرويني الصحفية في المقهى تتلقى هكذا اشارة من شاعر صعلوك معدم طويل اللسان ووقح ، لكنه امل دنقل ، امل الذي همس بعدها مباشرة : كم احب هذه الوجوه
بعدها لم يفترقا ، الى ان مات امل دنقل في تلك الغرفة رقم سبعمائة ولا ادري كم ، بعد ان كتب ” البكاء بين يدي زرقاء اليمامة ” ، كم من النساء تتلمس الان البثور بتشف انثوي ظافر بفحولة الرجال المختلفين .
كانت عبلة مختلفة ، لذلك كانت وحدها من يمكنه رفقة هذا الوقح عاثر الحظ ، امل دنقل شاعر الغاويين حقبة السبعينات ، الجائع الذي افتض بكارة عبله بين الحديد والاسمنت في عمارة قيد الانشاء وكتب : لا تصالح على الدم حتى بدم
لا تصالح ولو قيل رأس برأس
اكل الرؤوس سواء ؟
هل تتساوى يد سيفها اثكلك بيد سيفها كان لك ؟
التقطت انوثة عبلة الرويني ببثور وجهها اليساري السبعيني المتهدج ، فحولة شريد مضطرم بكبرياء الجريح، وحده من يشم انوثة الوجوه المحببة باضطرام الهرمونات .
تسكعا معا وحظي الحاذقون بسيارات وبدلات لائقة بتحفظهم الأملس الرابح ، بينما يجوب دنقل عتمة القاهرة ويخسر المزيد من دنيا يقظة لكنها بلا خيال ولا حشرجات ، ناجحين يبتسمون للكاميرات بينما يومئ أمل بملامح منتزعة من بورتريه رسام شاب يلتقط صورة انف امل دنقل يتشمم ردفي عبلة والعرق من آباطها المخصبة .
عاد الصحفيون والشعراء الى الشقق ورافق بعضهم السادات الى منتجع كامب ديفيد .وذهب دنقل الى قبره ليزمجر من تحت التراب ” سيقولون هانحن ابناء عم ، كن يا امير الحكم
قل لهم انهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس الرمح في جبهة الصحراء
الى أن يجيب العدم
انني كنت لك
فارسا
وابا
وأخا وملك
وبقيت عبله مثل اميرة تبحث لجثمان حبيبها عن جنازة لائقة ولنفسها عن دفئ وركن للكبرياء .
نامت معه بلا عشاء ، احتملت هزء وتهكمات صحفيي الاهرام والاخبار عن الحمامة التي وقعت في غرام الغراب ، النوم على الاسطح والنوم بلا عشاء والنوم مستفخذين فقيرين متماوجين ، لا باب ولا بيت ولا اولاد ولا عزاء غير لسعة بين كائنين ، وقد نامت مخلوقات الله بلا شبق .
فقر امل دنقل وسلاطة لسانه ، غرابة اطوار اخر ليل القاهرة ، اللوثة واعقاب السجائر وصدر امل العاري ، ثم السرطان .
من لك بأنوثة الهرمونات الناضحة على وجه مختلج احمر ، لامرأة تسمع الخفقات الاخيرة في صدر سبارتاكوس ؟ تعشقته وقد وقعت عبلة في غرام نضجها وليس حلمها العذري .
وعلى باب الغرفة رقم “…” نسيت الرقم ويذكره فتحي ابو النصر اظن او اي متشرد بقي من حقبة امل ، على باب تلك الغرفة ألفت بنت الرويني كتاب ” الجنوبي ” من رائحة الزوج الحبيب الشريد الصعلوك ، الصدر المحتضر بالنهايات والكرامة .
ان يباغتك السرطان محتضنا عبله الرويني يمكنك عندها تقبيل بثرة بقيت على جبين المحبوبة وتموت بعدها راضيا ، بينما تتلمس اصابعها أملا لم يلحظه أحد .





