- عبدالحكيم الفقيه
أنت في عدن
والنسيم يقيك
وتلقاك رائحة البحر
والياسمين يراك
وتستفسر العابرين عن الوقت والباص والاتجاه
تحدق في الشمس كي تعرف الشرق والغرب
والوجهة المنتقاة
وتمكث مستغربا في عبور الزمان سريعا
وصوت المؤذن يعبر فوق السويعات
والموج يعصر أنفاسه في السواحل
وقلبك ما عاد يخفق.
لا شيء يقوى على جس نبض الشموس
ولا كرنفال الجبال
تفتش في الواقعية عن واقعي
وتنسى بأن المجاز هنا جوهري
وأن البحار لعاب الزمان
وأن إزدراء الظلال عقوق.
الشوارع أوسع من نفسها
والمراوح مرهقة والسراج
وتمشي الأمور مع الناس في مسلك واجم
والعصافير تصحو مع البحر
والصمت يحتل نبر الحروف
تسير الى السوق والمطعم البلدي
وتقطع نسل الشكوك
وتلقي التحايا
ورد السلام
تبايع في القات
تمسح قش الغبار عن العين
لا تتدخل في أي زوبعة و جدال
كسحنة رمل تلوح الوجوه
ويبدو المزاح شحيحا
وثمة همس عن الوضع
عن اختفاء الرواتب
عن جشع السوق
عن اصطدام الجهات
وسخرية اللهجات
وهذا الوجود المبرقع
والكتب المدرسية في طرف السوق
والزفرات على زمن الأمس
والخوف من قادم لا تلوح ملامحه
وتحنط عقرب ساعاتنا والزمان
المكان يدور
والقوافي ترن كخلخال مختالة
في صفوف البدور
ولا شيء
الا التجاعيد في أوجه المتعبين
وصوت الأنين الذي يغتلي في ضلوع الصدور
أنت في عدن
البساطة أبسط من نفسها
والوجوه تصافح بالابتسام
والكلام رقيق كقلب النسيم
والمعاوز أكثر من عدد البنطلونات
أمشي وحيدا بكوتي
ولا شيء مما يقال هنا في المواقع
فالزيف سيد هذا الزمان
عدن تتوخى التواريخ
جغرافيا الحب والثورات
على رسلها ترسم الحلم
ما خذلتها الأزقة
ما هجرتها القلوب ولا النغمات
ولا تستكين
تجدد أشواقها والحنين
وتمشي الى أول الفجر مزدانة بالأمل.
- عدن_ 3 نوفمبر 2025.





