- محمود ياسين
كلما تذكرت موت صديق عدت للبحث عن من تبقى منهم
أرسل ابتسامة لسامي غالب وهو في القاهرة يجلس متأملا في ركن من مقهى بوسط البلد .
نبيل الأسيدي في سويسرا هو وصدام ابو عاصم يجلسان على ضفة بحيرة ” لينخشتاين ” وأنا من متكئي في صنعاء أسألهما : وتاين ماتزعلش؟
أحمد الزرقة في اسطنبول ، ماالذي يفعله الآن ، هل يجلس على جانب من الجسر يتأمل خليج البسفور ؟ المويجات في العالم جميلة لكنها ليست بحيرتك ، كأنني التقط نبرة صوته وهو في آخر مكالمة بيننا يقول : خاور اتروح صنعاء اتغدي هريش ومرق وأخزن ربطة غيلي ومغرب يجو يشلوني الحبس .
هل الوطن سجن كبير ؟ وهل وجدتم الحرية في المنافي ؟
نحن متشبثون بالمكان دون إمعان ودون أن نتلفت ونحن في البيت لنتأكد ما إن كانت النوافذ قد تحولت لقضبان وما إن كان هذا الصوت لأبيك أم لسجان ، في البيت لا تعود وقد أمنت لرائحة الميلاد ، لا تعود تخاف وإن جالست المخاطر وقاسمتها اللقمة وشربة الماء .
نبيل الصوفي وهو يختط كل ليلة وطنا في حدود حركته ، وليد البوكس وهو كل عصر يهمس لي من اسطنبول : اطعم ورقك ، اشعر وكأنه يمضغ ورق الغابات بحثا عن نكهة اليمن ويتجول ويلتهم الكثير من الشوكلاتا وتبقى مرارة المنفى تسيل في حلق يمني لا يدري أي لعنة دمغته بالشتات ،
وكأننا في حالة من تبادل كلمات محمود درويش :
القمح مر في حقول الآخرين
والماء مالح
افتقدتكم يا أصدقائي ، افتقدت مشاجراتي مع نبيل سبيع ،
افتقدت متاعبنا وسوء الفهم ، وكل يوم أفكر : هل سرق المنفى أصدقائي ؟ هل يذكرونني ام انهم في غمرة هذا الشتات قد خلصوا لتلك الحالة من قنوط مغترب استسلم لتلك المرارة وأدمن التحرك في أمكنة بلا رائحة.
سنكون بخير .