- ضياف البراق
عندما أكتب عن اليأس، بعشق وتمجيد، فهذا قد يعني أنني بخير. لذا، لستُ
بحاجة إلى شفقة أحد. أكتب عن اليأس لِئَلَّا أختنقَ به. الشيء الذي يسعى
لخنقك، عانقه، اجعله في قلبك، وعندئذٍ لن يخنقك بل يُريحك. عانق الموتَ،
تنتصرْ عليه. الأمل، بالطبع هو هذا النفاق المُراوِغ، الذي يحميني، قليلًا، عندما أستعين به للنجاة من بشاعة واقعي الخانق. أمارس هذا النوع الخاص من
النفاق الرائع، لأعيشَ أكثر. دعوني ألعب مع الموت، كيفما أشاء، فهذا شأني،
وحق شرعي من حقوقي.
قلت لكم إنني أمارس اليأس من باب إنقاذ أملي من التدهور المخيف، ولكنني أمارسه بتلقائية وصدق. إنني أدعم
أملي باليأس، وأعالج آلامي بالكتابة عنه. دائمًا أُوحِّدُ بين الأمل
واليأس، أخلطهما معًا، ثم أشربهما دفعةً واحدة، لكي أبقى متزنًا، متماسكًا.
اليأس هو أملي الحقيقي، غير الكريه. اليأس هو موقفي المحترم، الصادق، مما يحدث حولي من عُهْرٍ سياسي وإجرام واسع ضد الناس البسطاء وكافة
حقوقهم. أنا شاهدٌ على عصري، شاهدٌ على الواقع الذي أعيش فيه، وهذه
مسؤوليتي الأساسية، أو التاريخية، كمثقفٍ إنساني.
أُكرِّر بغضب: نعمْ، أَكتبُ عن اليأس من قلبي الجميل، ولذا، لا تخافوا على صحتكم النفسية من كتاباتي المفعمة باليأس. لا تخافوا من يأسي النقي، لا تهربوا منه، إنه مُنعِشٌ كالمطر. يأسي عقلاني، واقعي، ثوريّ لا انتحاري. يأسي هو ممارسة معكوسة للأمل. إنه ممارسة متفائلة تمامًا، لكن بصيغة أخرى، متشائمة، تتفق لي، على الأقل. يأسي، باختصار، هو جراحكم التي تنزف دمًا وألمًا، والتي أسعى دائمًا للدفاع عنها.