- محمد ناجي أحمد
لم يغن سعة الأفق الاجتماعي في حركة الفقيه سعيد بن صالح ياسين ،وهو من متصوفة اليمن،المشهور ب(سعيد الفقيه،وصاحب الدنوة)لم يغن مشروعه الاجتماعي عن الفراغ الذي تركه ضيق الافق الوطني المحصور بسلطة ترسم حدودها داخل
جغرافية ما كان يسمى آنذاك ب(اليمن الأسفل).
فمع انسحاب محمد علي باشا
من التهائم. والمخا وتعز ،وكانت إب تحت سلطة وهيمنة وجبروت قبائل المشرق
بشكل عام وذي محمد بشكل خاص،وفي صنعاء تم اغتيال الامام الناصر عبد الله بن الحسن بن المهدي عباس في وادي ظهر ،فلما
أراد الخروج من الحجر-أي منطقة دار الحجر-غدرت به همدان وبأصحابه… ،هو
وخاصة اركان دولته وقادته من قِبَل قبائل همدان…
وتولى بعده الإمامة الهادي محمد بن المتوكل أحمد…
حين قبض الفقيه سعيدعلى رؤوس قبائل برط من ذي محمد ،وانتزع منهم الأراضي التي كانوا قد استولوا عليها بالقوة والغلبة،ثم أودعهم السجن-لم يلبث أن أخرجهم وجعلهم في مقدمة جيشه الذي تحرك إلى يريم لمواجهة الهادي محمد بن المتوكل أحمد…
أحاطت قوات الفقيه سعيد بن صالح بن ياسين بيريم
،فقد كانت سلطة الفقيه سعيد ممتدة من “نقيل صيد” إلى “عدن”وأتوه بالنذور
والزكاة وكان يطعم الطعام لمن وفد اليه “وارتعب المشرق والمغرب حين رأوا
رجال بكيل قد فارقوا تلك الحصون ،وخرجوا عنها وارتجلوا عن اليمن الأسفل
مرعوبين. منهوبين ،فخرج الإمام الهادي محمد بن المتوكل من صنعاء
سنة1256هجرية إلى مدينة يريم ،وكاتب الفقيه سعيد…”وفي رمضان أرسل الفقيه
سعيد بالجنود الذين انثالوا من جميع اليمن الأسفل لمحاصره يريم”وتابعهم
الشيخ حسين بن يحى عباد(من رؤساء بلاد خبان) والشيخ عبد الله بن مثنى
فاضل(وكان رئيسا كبيرا متبوعا) وأحاطت الأجنادبمدينة يريم من كل جهة،وضاقت
الأحوال بالإمام الهادي وأصحابه،وكان من جملة عسكر الفقيه سعيد المحاصرين
لمدينة يريم طائفة من ذي محمد،والنقيب حسين بن سعيد أبو حليقة،والنقيب علي
بن سهيل الهيال الجبري،وكان الفقيه قد قبض هؤلاء وسجنهم ،وأخذ قطعهم في
اليمن الأسفل،ثم أطلقهم ووجههم مع أجناده من أهل اليمن الأسفل وفي قلوبهم
غاية الإحن ،فأجمع شورهم على مظاهرة الهادي ،وخدعوا المقادمة الموجهين من
عند الفقيه حتى حضروا لديهم فقبضوهم في الأسر” وكاتبوا الهادي ،ووصل آخرون
من برط ومن خولان ونهم وهمدان،وانتهت الحرب بفرار أصحاب سعيد الفقيه
وهزيمتهم،فكان أسر الفقيه سعيد ،والاستيلاء على محلته المسماة(الدنوة)وما
بها من ثروات وزكوات كان يطعم منها الناس،ثم كان ضرب عنق الفقيه سعيد في
إب…
يمكن الرجوع إلى كتاب(اللطائف السَّنيَّة في أخبار الممالك
اليمنية) لمحمد بن إسماعيل الكبسي الصنعاني- ص305-306-فهو من معاصري تلك
الأحداث التي تمت في منتصف القرن الثالث عشر هجرية،والمؤلف وإن كان من
المواليين والمتشيعين للإمام الهادي،لكنه أورد تلك الحادثة بقدر من
الموضوعية وإن اختصرها،واهتم بالجانب الحربي منها…