- سعيد الصوفي
كنت لا أزال صغيرا حين رافقت والدي لأول مرة في قافلة مكونة من الجمال والحمير محملة باكياس البن متجهة إلى سوق أدمات في مديرية السبرة م/ إب، الذي كان يقام يوم الأثنين من كل أسبوع ، ولكي يتم الوصول إلى هذا السوق حيث كان يتم اللقاء الأسبوعي بين تجار البن الذي كان يجمع من المزارع في مناطق المخلاف وشرعب والعدين، غادرنا قريتنا صباح السبت ومررنا بمناطق كثيرة رأيت فيها جبال ووديان ومياه جارية ومناطق تغطيها الأشجار بكثافة، وصلنا قبل مغيب الشمس إلى قرية تسمى ” العماقي ” في منطقة الجندية شمال غرب مطار تعز، جنوب غرب مدينة القاعدة، ونزلنا مع القافلة في مقهاية ” سيف الحداد ” وكانت محطة لاستقبال تجار وقوافل البن القادمة من مناطق مختلفة ، وكان لصاحب المقهاية وزوجته – بتأمر ومساعدة من بعض تجار القافلة – عادة طريفة مخيفة ومضحكة في آن ، يقابلان بها كل شخص جديد يصل لهذه المقهاية لأول مرة، حيث يخرج صاحب المقهاية ترافقه زوجته وبيده” قرن ثور” وهما يصيحان معا ” شم صرورة ” قاصدين الشخص الجديد بين أفراد القوافل الواصلة، وكنت أنا الشخص الجديد هذه المرة ولأني كنت قد سمعت قبل الوصول للمقهاية بأنها مجرد تمثيلية الهدف منها أضحاك زبائن المقهاية، وكسر حالة الخوف والخجل لدى القادم الجديد كونه يدخل السوق لأول مرة، فلم اتفاجأ بها كثيرا، ومع ذلك ظليت طوال تلك الليلة محتميا بحضن والدي، ومع أذان فجر اليوم التالي نهض الجميع لصلاة الفجر ثم توجه رجال القافلة لتحميل الجمال والحمير بالبضاعة وتناول طعام الإفطار استعدادا للتوجه شرقا قاطعين خط الأسفلت ” طريق تعز – صنعاء ” وكنت لأول مرة أرى السيارات يمرين بسرعة فائقة عبر هذا الخط الأسفلتي، ركبت بين أكياس البن فوق إحدى جمال القافلة، وقطعنا خط الأسفلت ومرينا بمناطق كثيرة اتذكر منها السمكر والحنسر وغيل يسمى ” السودان ” ومناطق أخرى لم أتعرف على اسمائها لصغر سني حينها،وعند منتصف النهار وصلنا إلى مقهاية ” أحمد صالح ” وسط سوق ” أدمات ” وهي مقهاية كبيرة تتكون من غرف كثيرة للنوم والمقيل، وهنجر كبير من الزنج يستخدم جزء منه مخبازة،تعمل فيها عدد من النساء والشباب، والجزء الآخر أسطبل لربط الحمير.وفي الوسط ساحة كبيرة تناخ فيها جمال القوافل القادمة محملة بالبضائع التي يجري جلبها وتبادلها في هذا السوق .