
في وقتٍ يحتفل فيه العالم بـ اليوم العالمي للغذاء، يغرق اليمن أكثر فأكثر في دوامة الجوع وسوء التغذية، وسط تحذيرات متكررة من منظمات دولية ووطنية تؤكد أن البلاد تواجه ثالث أكبر أزمة غذائية في العالم.
تشير أحدث بيانات مجموعة التغذية إلى أن نحو نصف السكان يكافحون لتأمين ما يكفي من الغذاء، فيما يعاني قرابة نصف الأطفال دون سن الخامسة من سوء تغذية مزمن — مؤشرات تُنذر بانهيار إنساني واسع إن لم تُتخذ إجراءات عاجلة.
في أكثر من 100 مديرية يمنية بلغت مستويات سوء التغذية حدودًا حرجة، مع توقعات بارتفاع الحالات في محافظتي الحديدة وتعز بنسبة تصل إلى 30% بحلول نهاية العام.
وتُظهر التقديرات أن 18 مليون شخص سيواجهون خلال الأشهر المقبلة مستويات جوع كارثية، بينهم 41 ألفًا يقتربون من حافة المجاعة المباشرة.
تقول إحدى الأمهات من محافظة الضالع:
«هناك أيام أرسل فيها ابنتي إلى منزل جدها لتأكل، بينما أعيش أنا دون طعام. وفي أيام أخرى نكتفي بالخبز والشاي. كأم، هذا يُحطمني».
جذور الأزمة
تعود الأزمة إلى مزيج قاتل من الصراع المزمن والانهيار الاقتصادي والصدمات المناخية وندرة المياه.
فقد أدت الحرب الطويلة إلى تدمير البنية التحتية الزراعية والصحية، وأضعفت القدرة الشرائية للأسر، فيما زادت الفيضانات والتقلبات المناخية من ندرة الغذاء وتلف المحاصيل. كما ساهمت القيود المفروضة على العاملين في المجال الإنساني – خصوصًا النساء – في عرقلة عمليات الإغاثة في مناطق واسعة من البلاد.
وفي عام 2025، أدت تخفيضات التمويل الدولي غير المسبوقة إلى إغلاق أكثر من 2800 مركز تغذية وعلاج، أي ما يعادل نصف الخدمات الحيوية لمعالجة سوء التغذية.
ونتيجة لذلك، تراجعت الاستجابة الإنسانية إلى أدنى مستوياتها منذ عقد، إذ لم يُموّل سوى 10% من خطة الاستجابة الإنسانية لليمن هذا العام.
دعوات عاجلة
دعت المنظمات الموقّعة — وبينها منظمة العمل لمكافحة الجوع، وإنترسوس، وأوكسفام، وتحالف أطفال الحرب، وعدد من المؤسسات اليمنية — إلى تكثيف التمويل الإنساني وتسهيل وصول المساعدات دون عوائق، مع زيادة دعم المنظمات المحلية في إطار توطين العمل الإنساني، والاستثمار في برامج الأمن الغذائي والزراعة المستدامة.
كما شددت على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للجوع من خلال:
استئناف صرف الرواتب العامة وتثبيت سعر العملة.
الاستثمار في الزراعة والبنية التحتية المرنة.
التقدم في عملية السلام كشرط أساسي لاستقرار الاقتصاد وتحسين سبل العيش.
تحذير ختامي
استمرار الجوع في اليمن يعني خسارة جيل كامل من الأطفال — ليس فقط لصحتهم، بل أيضًا لمستقبلهم وأحلامهم.