- عمار الأصبحي *
قبل أعوام ثلاثة
في مثل هذا اليوم
أشعل سيجارته الأخيرة ونفخ فينا روحه
ثم توارى في حضور مختلف
ثلاثة أعوام على رحيل هذا الشاب الأسمر السبعيني ذو الشعر الأبيض، ثلاثة أعوام ولا زال الجميع هنا يترقبون اتصاله للسؤال عنهم، وانتظارهم على مأدبة الغداء كعادته ..
ينتظرونه على أمل الحضور..حضوره الكثيف الذي يستعصي على الرحيل والنسيان ..
ثلاثة أعوام ومجلسه يضج بشباب يترقبون ظهوره وعودته كمعجزة خارقة يتوقعونها منه كونها ليست صعبة عليه بالتأكيد ..
ثلاثة أعوام وهم ينتظرون ويتحدثون عن ذكرياتهم معه والمواقف الحميمية التي جمعتهم به يرددونها بزهو وقليل من الحزن ربما..
وكأن الرجل قد وزع روحه على الجميع وتوارى فيهم مبتسماً يراقب عن كثب،
فهو لم يكن أباً فحسب بل أخاً وصديقاً ورفيقاً أقرب منهم إليهم، ينصت لهم بخشوع بالغ يناقشهم ببساطة وانسانية، وكنبي يحدق في ملامحهم كل يوم بمسؤولية متلمساً همومهم..
كان معهم ثائراً يصول ويجول في ساحة التغير مبتسماً رافعاً أصبعيه هكذا.. متحدياً كعادته يمضي قدماً بإصرار وحيوية وتمرد وطموح ذلك الشاب الذي يسعى إلى تغيير العالم ..
بالتأكيد لم يكن كغيره من السياسيين الذي شاركوا عبثاً في ثورة الشباب السلمية،
لقد عرفه الشباب ثائراً حد التماهي يبادلهم الأراء ويشاركهم الثورة والطموح، فيوجههم بوعي يقظ وروح متوقدة ثورة وانسانية ووطنية خالصة، الأمر الذي جعل من مجلسه المفتوح نواة وحاضنة ثورية، ومنه أنبثق المجلس الثوري كأبرز المكونات الثورية الجامعة، والذي كان يعد حقيقة أهم وأخلص مكون ثوري هدفه رفد الشباب بالقوة السياسية اللازمة والدفع بهم نحو تحقيق ما يصبو إليه كل ثائر شاب وضمير وطني..
كيف لا وهو المناضل اليساري الفذ عابر الأجيال ضميرنا الغائب محمد عبدالوهاب القاضي الذي عرفُ شاباً نشيطاً متعاوناً كريماً صادقاً على طول مراحله العمرية، من عدن إلى القاهرة فالمجر حتى العودة إلى شمال الوطن، مناضلاً حاملاً ضميره المخلص حالماً ينشد الحب والسلام مغزلاً للضوء والأمل ..
ثلاثة أعوام على رحيله وحضوره وانتظاره مولانا يصعب معها إقناعنا وكل من عرفه أو ألتقى به ولو لساعات قليلة أن هذه القامة والقيمة الحاضره بكثافة قد رحلت والى الأبد، فكل فرد هنا يحمل أثراً منه وقيمة تنمو وتزهر معه وفيه وتشكل مع الكل من رفاقه وأصدقائه ومحبيه حديقة نضالية وانسانية وارفة ظلاً وطلاً، هي عزاؤنا اليوم لنحتفي به في موقع بيس هورايزونس كملهم ومدرسة إنسانية وسياسية ونضالية متجددة وخلاقة.
- رئيس التحرير