- سمية الفقيه
لم يعش المواطن اليمني طيلة سنوات عمره على تراب هذه البلاد، أسوأ ولا أتعس من هذه الأيام والسنوات، أيام وسنين الحرب والتشرد والحصار.
لم يشهد جعجعة وإهانة وذل وحزن وأسى وجوع وعطش ومرض أكثر من سنوات الدمار والتشرد والنزوح والانتظار لصدقات المنظمات حتى بات كمتسول والمسؤول عن إهانته وذله أطراف النزاع الممتدة خرابها وحرائقها على طول اليمن وعرضه بينما هم يجنون كل مكاسب الحرب على حساب ألمه وجراحه وقتله وتشرده.
المواطن اليمني تَحمَّل كل تداعيات الحرب ومآلاتها المؤلمة، بكل الجوانب، إلى جانب ما يتقاضاه من راتب هزيل شهريًا من حكومتنا الموقرة، لا يتجاوز الـ 50 دولارًا، رغم الأوضاع الكارثية من أوضاع اقتصادية منهارة وغلاء متزايد، وفقر، ومرض، ومعيشة تسوء يومًا بعد آخر وتدهور مستمر لكل شيء، و فوق هذا كل لا يستلم راتبه بانتظام وحين يستلمه يذلونه وكأنهم يتصدقون عليه صدقة.
في اليمن فقط مطلوب منك أن تكون مواطنًا صالحًا، مطلوب منك أن تأكل، وتشرب، و تلبس وتدرس وتتعالج وتشتري متطلبات البيت واثاث البيت، وتصلح ما يخرب من أغراض البيت.
ومطلوب منك تدفع إيجار البيت، وتدرِّس أولادك، و تعالجهم، و تكسيهم، وتصرف عليهم وتدفع جبايات، كل هذا ب 50 دولارًا فقط، في حين أنها في أي دول مجاورة ليست قيمة قنينة ماء.
وفوق هذا كله مطلوب منك أن تكون مواطنًا صالحًا ومطيعًا، تدعو للدولة وتشيد بها وبانجازاتها وتكون في صفها في كل المواقف رغم جعجعتك وحسرتك وهمك في كيف تصرف هذه ال 50 دولارًا طيلة الشهر.. ناهيك عن من سُلِبوا رواتبهم ولم يستلمونه لسنوات، ومطلوب منهم أيضًا أن يكونوا صالحين ومطيعين للظلم والجبروت والغطرسة.
ومع رمضان مطلوب منك أن تشتري متطلبات رمضان وبأسعار سياحية قاصمة للظهر وللروح و بالـ 50 دولار حق حكومتنا الرشيدة التي تعجعك على هذه ال 50 دولارًا، ومطلوب تصلي وتصوم وتتهجد وتكون مواطنًا صالحًا وسعيدًا.
ولك الله أيها اليمني المغلوب على أمرك.. والحمد لله على العافية !.