كشف تقرير حديث للبنك الدولي، أن الأمن الغذائي والمائي في اليمن، يمثل “التحدي الأكبر” الذي يواجه هذا البلد، في ظل استمرار الحرب وتصاعد معدلات التضخم وتغير المناخ، حيث زاد عدد اليمنيين الذين يعانون من الجوع “بمقدار 6.4 مليون شخص خلال التسع سنوات الأخيرة من الحرب، وتداعياتها الاقتصادية والإنسانية الكارثية”.
وفي تقرير سابق، حذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، من واقع مرير ستشهده اليمن خلال العقود الثلاثة القادمة، كونها تعد من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ وأكثرها تضررًا، فرغم غزارة الأمطار التي يشهدها، إلا أنه يعاني من أزمة متفاقمة في المياه.
وتوقع التقرير أن يخسر البلد بحلول عام 2060 أكثر من 93 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي، وأن 3.8 مليون شخص سيعانون من سوء التغذية، وأن تتسبب التغيرات في وفاة 121 ألف شخص.
بدوره، تحدث وزير المياه والبيئة في حكومة الشرعية، المهندس توفيق الشرجبي، في مقابلة تلفزيونية مع وكالة رويترز، وقال: “خلال العقد الأخير، أصبح للتغيرات المناخية آثار كارثية على البيئة بشكل عام، وعلى الإنتاج الزراعي والسمكي والحيواني بشكل خاص”.
وأوضح الشرجبي أن التغيرات المناخية تؤثر سلبًا على إنتاج الغذاء في بلاده، مما فاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي والمائي، وسط استمرار الصراع في هذا البلد المصنف كإحدى أفقر الدول العربية.
ونبه بالقول: “العديد من المناطق اليمنية تعاني من ارتفاع درجات الحرارة، والجفاف الطويل، وتذبذب سقوط الأمطار، وتغير في مواعيد مواسم الزراعة والحصاد المرتبطة بالمواسم المطرية أو العواصف والأعاصير والسيول الجارفة وتدهور التربة الزراعية بشكل كبير، ونضوب وتلوث مصادر المياه، مما أجبر السكان على الهجرة الداخلية والنزوح بحثًا عن المياه والخدمات”.
وأكد الوزير الشرجبي، أنه على الرغم من أن اليمن لا توجد فيها صناعات ثقيلة، وليس لها تأثير كبير في الانبعاثات، “نعمل على التقليل من استخدامات الوقود الأحفوري لتخفيض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ضمن تعهدات اليمن للوفاء بالتزاماته نحو المجتمع الدولي”، مشيرًا إلى أن الوزارة تعمل حاليًا على إعداد استراتيجية وطنية “للخروج التدريجي” من استخدام الوقود الأحفوري، والتحول للطاقة المتجددة، في عمليات توليد الطاقة، وإنتاج وضخ مياه الشرب من خلال إدارة حقول المياه بالطاقة الشمسية.
وأفاد وزير المياه والبيئة اليمني، بأنه تم “اتخاذ العديد من الإجراءات والمعالجات، من خلال عدة مشاريع ممولة من المانحين كمساعدات أو منح من الدول الصديقة والصناديق التمويلية، للتخفيف من تفاقم آثار تغير المناخ على الأمن الغذائي في اليمن، وبتدخلات مختلفة في تحسين إدارة المياه وتدابير الحفاظ عليها والاستثمار في البنية التحتية للمياه”. مشددًا على أن “اليمن يحتاج إلى الكثير من المشاريع لمواجهة التغيرات المناخية، حيث تشكل التغيرات المناخية تحديًا كبيرًا لجميع دول العالم الثالث، وعلى وجه الخصوص اليمن، كونها أكثر حساسية للتغيرات المناخية، وهذا ما تؤكده الكثير من تقارير الخبراء”.
ووفقًا للتقارير والبيانات الرسمية، فقد تأثرت المناطق الزراعية في اليمن بظروف الجفاف، خلال الأعوام الماضية، نتيجة الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة، والذي أدى إلى ارتفاع نسبة التصحر من 90 بالمائة عام 2014 إلى 97 بالمائة عام 2022، حيث قدّرت تكلفة تغير المناخ في قطاع الزراعة بأكثر من 64 بالمائة من إجمالي خسائر الاقتصاد اليمني، بينما زادت فجوة الغذاء إلى 40 بالمائة، وبلغ حجم الأراضي المتدهورة من التقلبات المناخية إلى 5.6 مليون هكتار، أي بنسبة تصل إلى 12.5 بالمائة من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية.