- كتب: محمود ياسين
وفقا لأصدقائنا الليبراليين المستائين من ما يعتبرونه مجازفة حماس بسكان غزة، كان يفترض بالجزائريين التوقف عن مقاومة فرنسا عند الرقم مائة ألف شهيد، وكان يجدر بالفيتناميين الاستسلام لأمريكا عند المليون الأول.
واجه الجزائريون المحتل، وهو يحاول تجريف هويتهم العربية الاسلامية وفرنسة نمط الحياة، ولعل الفرانكفونية لم تمارس تطبيقاتها المزيج من ثنائية مدنية الشعارات الفرنكفونية، وتوحش جيش فرنسا كما فعلت في الجزائر.
عليك أن تقاوم المحتل، وفقا لمعايير المحتل، وسقف ما يمنحه لك من أسباب حياة بالكاد، حياة ملائمة لوجوده الآمن، مقابل ان يمضي الشعب أيامه في الخوف والإذلال، ويتبقى السؤال: كيف تقاوم محتلا بهذه القوة والقدرة، هل جننت ؟.
تبدو كل مقاومة للمحتل في التاريخ الانساني شكلا من الجنون، والحمق بالنسبة لأصوات زمننا العربي هذا، ولم يقلها حتى تلاميذ فولتير أثناء ثورة الجزائر، ولقد كتب جان بول سارتر مقالته التاريخية تلك والأشبه ببيان مفارقة، ومسافة مع الفرانكفونية المتوحشة “عارنا في الجزائر”.
هذه سابقة ثقافية تبدو أقرب للهراء منها للتثاقف ومبادلة الأفكار، لم يقدم أي مثقف أو فيلسوف أو كاتب في العالم على إدانة مقاومة في أي مكان على الكوكب، واعتبارها شكلا من الارهاب أو المجازفة الحمقاء في أحسن الظروف، مابالك بإدانة مقاومة تدافع عن مايفترض بها جملة محددات انتمائك من لغة وتاريخ ودين، لقد تخليتم حتى عن انسانيتكم، إذ تدينون الضحية وتجرمون المقاومة الوطنية ضد الاحتلال، ولم تتخلوا فحسب عن أهلكم وقوميتكم.
تشتغلون على البديهة، وتجادلون بشأنها بمنطق منتزع من مقولات حقوقية ناقصة، وفي حالة من اقتطاع اللحظة وانتزاعها من سياقها، وبمنطق موارب مخاتل يبدو نسخة من أعلام العدو المحتل .
وفقا لهكذا فهلوة ليبرالية، أنتم ضد فكرة الدولة الوطنية في المنطقة العربية، فهي ستكون دولة غير تحررية أخلاقيا، دولة أعراف وأسلاف وحلال وحرام، وبالتالي يفترض بكل دولة أن تخضع للاحتلال ليعيش شعبها بأمان وحرية اخلاقية واستلاب وطني كامل، حيث لا حماسات وطنية، ولا مبالغات بشأن السيادة ولا دين ولا لغة ولا إلتزام من أي نوع تجاه الهوية وتاريخ وثوابت الأمة.
بالنسبة لغزة، كان يفترض بالمقاومة لتحظى برضى أصدقائنا، أن تضمن الكهرباء والماء لسكان المدينة وضمان سلامتهم الجسدية والنفسية والحصول على مرتباتهم من إسرائيل، وبقاء مزاج المحتل جيدا.