- نبيل الشرعبي
إن صادف وكنت أسير في شارع ما ووجدت صديق يمر بسيارته من جواري وتوقف لأصعد، إن صادف ذلك أحاول تقديم أعذار بل والاعتذار بتقدير كبير له والقول بأن مشواري انتهى هنا..
لم أعد أطيق سماع تكرار تفاصيل واقع نعيشه بكل ما فيه وعن قرب.. هكذا جعلتنا الحرب وأرتال الأوجاع التي تنهال علينا كل لحظة.. نعم هذا هو السبب والذي أفرز لديا طباع لم أعهدها من قبل..
كلما مر الوقت وكان تقويم الأيام فيه يفوح بروائح الدم والأشلاء المتناثرة، والعيون الشاخصة نحو السماء، تزداد رغبتي للهروب من نقاش نزيف الدم والجثث المتفحمة والوجع العالق في أفئدة لا حصر. لها..
كإنسان ما الذي يمكنني أن تناقشه عن أم تناثر جسدها بقذيفة قادمة من السماء وهي تحمي صغارها.. ما الذي ستناقشه عن وجع تلك الأم حتى وقد رحلت..؟ كإنسان ما الذي يمكنني أن تناقشه عن طفل استيقظ من النوم وهو تحت ركام منزلهم ولم يستطع التنفس، فيما أسرته كاملة قد تفحمت أجسادها..
كإنسان كيف لي أن أعيد تكرار مشاهد تساقط أعضاء الأطفال والأمهات والكهول و…، كيف لي أن أمتلك الشجاعة والحديث عن جنين في رحم أمه التي سقطت تحت ركام المنزل وتم إخراجها وأثناء اسعافها بين يدي الطبيب ودعت الحياة، فيما عند الطبيب إلى محاولة إنقاذ الجنين من رحمها..؟
اعترف أني لم اعد استطع الحديث عن طفل مزقت القنابل جسده فيما يده ما زالت تتمسك بكسرة من رغيف الخبز…. فهل أكون وحدي من صارت طبائعه كذلك أم هناك من يشاركني هذا..؟.