أتخذ من الكتابة الساخرة طريقة لإسعاد الناس وأسعاد نفسه.. عبر ماكتبه من مقالات وقصص ساخرة، وكتب للمسرح وله مسرحية “إنسان ضيعناه”.
إنه الصحفي والكاتب الساخر فكري قاسم والذي أصدر مؤخرا مجموعته القصصية حنبات وعمل لها مكتب الثقافة بتعز حفل توقيع متميز ونحن بدورنا التقيناه وكان لنا معه هذا الحوار السريع..
- حاوره/ عزالدين العامري
- من هو فكري قاسم الإنسان ولماذا أخترت الكتابة الساخرة.. هل لأنها أسهل أم لأنك تريد المساهمة في رسم البسمة على وجوه الآخرين.. أم ماذا؟.
فهمت الضحك من مجالسة الناس وحبيت الكتابة الساخرة أولا كقارىء.. من خلال مجموعة بسيطة من الكتب، وخضت فيها وأنا أشتغل في الصحافة بعد نصيحة تلقيتها من زميلي الحبيب الفقيد الساخر رمزي شائف الحكيمي بينما كنا نلتقي كل يوم ويسمعني أقول قصص ظريفة وقال لي “ليش ماتحول هذي الحاجات إلى مقالات ساخرة، وعلقت الفكرة في رأسي وبدأت الكتابة الساخرة في صحيفة الثقافية وفي صحيفة الجمهورية في سنة 2000، وخلال ظرف وجيز لمع اسمي في سماء السخرية، مش لأنها سهلة كما قلت، بالعكس الكتابة الساخرة من أصعب أنواع فنون الكتابة الصحفية، وواصلت فيها لأنها تدخل قلوب الناس بسرعة، وأنا بطبعي إنسان يجتهد كثيرا في سبيل إسعاد الناس.
- بين الكتابة الساخرة والكاتبة للمسرح روابط كثيرة حدثنا عن تجربتك في مسرحية انسان ضيعناه وتجربتك في مسرح الشارع؟.
بالنسبة لمسرحية إنسان ضيعناه، بدأتها أول الأمر كاسكتش مسرحي كنت أقدمه مع فرقعي المسرحية في فعاليات متعلقة بأنشطة حقوق الإنسان، ومن خلال العروض التي قدمتها نضجت الفكرة في رأسي بشكل جيد وكانت هي فيما بعد أول رواية مسرحية أكتبها كنص متكامل، وشاركت بها في مسابقة جائزة العفيف الثقافية سنة 2002 للنص المسرحي، وحصلت بها على المركز الأول.
وبالنسبة لتجربتي في مسرح الشارع فقد بدأتها بتعز في سنة 2000 مستفيدا من عبارة ثاقبة للمخرجة البريطانية “جون ليلود” قالت فيها: “حيث يلتقي الناس بالناس ينشأ المسرح”.
وفي ظل ركود الحركة المسرحية في ذلك الحين، كان الشارع هو وسيلتي المثالية للخروج بعروض مسرحية قدمتها رفقة زميلي وأستاذي الفنان القدير المرحوم عبد الكريم مهدي، وشبان آخرين، وكان العرض الأول في سوق الصميل وحضروا ناس كثير من جمهور الشارع وتفاعلوا مع العرض بشكل تلقائي في يوم جميل لا يمحى من ذاكرتي ثم تنقلتنا بنفس المسرحية إلى أماكن أخرى وعرضناها في الهواء الطلق على جمهور “عشش المهمشين” وجمهور النزلاء في مستشفى النور وآخر عرض لمسرح الشارع كان في السجن المركزي.
- هل أستفاد الصحفي والكاتب الساخر فكري قاسم من الكتاب العرب أو اليمنيين مثل محمود السعدني أو عبد الكريم الرازحي أو سعيد عولقي أو رمزي الحكيمي وغيرهم؟.
طبعا تأثرت في البداية بالأديب الكبير الكاتب الساخر الأستاذ عبد الكريم الرازحي، وكنت اقرأ له وأنا طالب في الجامعة وكانت كتاباته تضحكني كقارىء شغوف لكل مايكتبه الرازحي وبالأخص مسرحية “قبيلي يبحث عن حزب” دون أن يكون في بالي أني سأتجه إلى الكتابة الساخرة في يوم من الأيام، وبعد الجامعة قرأت عدد من الكتب الساخرة لمحمود السعدني و “عاصم حنفي” و “أحمد رجب” و “عزيز نيسين” و “برنارد شو” وكل هذا وأنا أنعاطى من الكتابة الساخرة من كوني مجرد قارىء فقط، قبل أن تجمعني الحظوظ الجميلة بزميلي الحبيب الكاتب الساخر “رمزي شائف الحكيمي”، ليتحول شغفي في قراءة المواضيع الساخرة إلى شعف مضاعف في كتابتها.. علما بأني كنت قبل هذا أقدم مع الفرقة المسرحية في جامعة صنعاء أدوارا كوميدية كنت أنا الذي أكتبها لنفسي ولاقت استحسان كبير حينذاك وأنا طالب في الجامعة حتى تخرجت منها وعندي مهارة في كتابة الإسكتش المسرحي الساخر..
- في كتابك حنبات والذي عملت له حفل توقيع برعاية مكتب الثقافة بتعز جمعت العديد من مقالاتك الساحرة منها القديم ومنها الجديد ماهي الرسالة التي تريد إيصالها من هذا الإصدار؟.
كتاب الحنبات مش هو مقالات ساخرة.. بل هو عبارة عن مجموعة قصصية ساخرة لست حنبات ظريفة تدور أحداث كل قصة منها في مكان وزمان مختلفين، خمس منها أنا البطل الذي تدور الأحداث حوله، والقصة السادسة تدور أحداثها حول موضوع بطلته أرملة لم تنجب تربي ببغاء افريقي نادر وثمين يصاب بحالة اكتئاب لا شفاء منها إلا بتزويجه من ببغاء من نفس السلالة، وذلك أمر يحنب بطلة القصة.
وأما رسالتي اللي أشتي أوصلها للجمهور عبر كتاب الحنبات فكانت بسيطة، إسعاد القراء وإسعاد نفسي بالتغلب على حالة الإكتئاب التي عشتها نازحا خلال خمس سنوات الحرب التي عكمت روحي الساخرة تماما وقررت أن أجعل من الحزن والإنكسار طاقة هائلة من الضحك في كتاب الحنبات وعندي النية الكاملة لإن أهزم الإكتئاب، وهذا ماحدث بالفعل.
- حدثنا عن صحيفة حديث المدينة ولماذا توقفت وما الذي تحتاجه لتعود من جديد؟.
أصدرت حديث المدينة قبل أحداث 2011 بشهور قليلة ونجحت فيها بسرعة بفضل طاقات الشبان الذين عملوا معي في هيئة تحريرها، وعانيت في أول الأمر من مسألة تمويلها، وتحولت في سبيل ذلك من كاتب ساخر إلى رئيس تحرير مهموم بتمويل استمرار صدورها، وجت أحداث 2011 والصحيفة ذائعة الصيت وكان لي في هاذيك الأيام موقف من عبث الأخوان في الساحات جاهرت به في المواد المنشورة داخل الصحيفة، وكانت حديث المدينة أول صحيفة تنشر خبر الكولسة الحاصلة حول انضمام علي محسن للثورة مع كولسة أخرى متعلقة بعمل حملة مرتقبة تقضي بنشر صور صالح وأبناءه وأبناء أخيه كخصوم وأعداء دون التعرض مطلقا لرموز أخرى مثل علي محسن وعبد الإله القاضي وغالب القمش، مع أنهم من رموز النظام الذي خرج الشبان يطالبوا بإسقاطه، ونشرت هذي المعلومات في مانشيت رئيسي في أحد أعداد حديث المدينة قبل جمعة الكرامة بثلاثة أسابيع تقريباً، وتعرضت بعدها من الأخوان لحملة تخوين في الساحات سببت لي إرهاب نفسي مع تهم كثيرة بينها أن الصحيفة ممولة من أحمد علي وأنها تتبع الأمن القومي وضاق بي الحال، وكرهت استمرار صدورها في جو مشحون بالكراهية والاحقاد، وأنا صحفي مش مع هذا الطرف أو ذاك، وابرطع جاهدا وراء المعلنين عشان أضمن تمويل الصحيفة، وجالي سأم شديد وتوقفت عن مواصلة إصدار الصحيفة لمدة سنة تقريبا وعاودت إصدارها من جديد بداية سنة 2013 وأنا أعاني من نفس الإشكالية “التمويل”، وجت الحرب وأنا مخير بين استمرار صدورها بالارتماء إلى حضن هذا الطرف أو ذاك، وفضلت أن أتوقف عن إصدارها، وهي الآن متوقفة من إبريل 2015، وعودتها تحتاج إلى مساحة متاحة من الأمان ومن الحرية مع تمويل من معلنين لا يتخلوا عنها ويتركوني لوحدي أصارع في بحر من حلبة.
- هل الكتابة مجدية في زمن الحرب وما الذي نحتاجة لإيقاف هذه الحرب؟.
في زمن الحرب يستفيد الكتاب والصحفيين المشتغلين بشكل مباشر مع أطراف الصراع فقط، وأما مانحتاجه لإيقاف الحرب مافيش غير حلين، الحوار من منطلق سلام عادل يفضي إلى دولة نظام وقانون أو الحسم العسكري لصالح فكرة الدولة المدنية الحديثة.
- كونك كنت رئيس لنادي الأهلي بتعز ما الذي تحتاجه الرياضة بتعز وفي اليمن عموما لتقف على أرجلها مجددا؟.
من وجهة نظري أن وجود قانون يلزم كل شركة تجارية كبيرة بتبني ورعاية ناد رياضي كبير وكل شركة تجارية صغيرة تقوم بتبني ورعاية ناد رياضي صغير أو من أندية الدرجة الثالثة، مع تسخير أموال صندوق رعاية في مكانه الصحيح، بتكون في اليمن نهضة رياضية كبيرة.
- ماذا يريد الكاتب أو الصحفي أو المبدع لكي يكتب بكل حرية؟.
يحتاج إلى دولة تحترم الحرية وكان لنا سابقا في نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح نموذج جيد.. أستفاد منه كثير من الصحفيين ومارسوا مهنتهم بكل سلاسة وأنا واحد من هولاء الصحفيين الذين كتبوا بكل حرية في أيام “صالح” الله يرحمه ولم يمسني أي أذى.
- كلمة أخيره تريد قولها؟.
شكرا لك أخي الحبيب على هذا اللقاء.