- كتب/ محمد عبدالوهاب الشيباني
بسنينه الخمس والسبعين، بجسمه الممتلئ ، بقيافته الشعبية البسيطة (ثوب
،وكوفية رأس، ويلق كالذي يعتمره فلاحو السهول) ،بلكنته التي لم تزل وفية
لجذرها النابت والضارب عميقاً في اودية اب الخضراء ،بكيسه البلاستيكي
المنتفخ، والاهم بوداعته وابتسامته ، ويديه المرتعشتين بفعل الكبر ، يحضر
الى مقهى “مدهش عبادل” في شارع المطاعم بتحرير صنعاء ، في اوقات منتظمة من الاسبوع.
اول ما يجلس يقوم بفتح
كيسه واخراج شيئاً محبباًً يفاجئ به الحاضرين على الطاولة ، الذين هم
بالمناسبة صحافيون وكتاب ومثقفون، ويكون هذا الشيء اما كتابا عتيقا او
مجلة قديمة جدا ، او وثيقة مصورة نادرة احتفظ بهم ،ضمن مجموعة كبيرة من
الكتب والمطبوعات والوثائق منذ سنين .
عمله الطويل في طيران اليمنية مكنه من اقتناء مئات العناوين، ومئات الاعداد من المجلات والدوريات
النادرة التي توقف اصدار اكثرها، من اكثر من بلد وقارة.
من هذه الكتب
والمطبوعات انشأ مكتبة خاصة في مسكنه المتواضع ، وينفق الكثير من دخله
القليل من اجل الحفاظ على محتوياتها من الحشرات والرطوبة والتلف
والفقدان.
اكثر ما يخشاه ان تتعرض هذه الثروة الحقيقية للتلف والضياع،
وان فكرة اهدائها لمركز او مكتبة عامة في هذا الظرف غير مجد من وجهة نظره
،لان الاهمال والتسيب صار عنوانا ناشطا داخل منظومة الفوضى ،التي تتفشى في
حياتنا بكل صلف بما فيها المكتبات والمراكز.
ويأمل عبدالله النخلاني ان تتحسن الاوضاع ليرى ماذا سيفعل بثروته من نوادر الكتب والمجلات والوثائق.
او ينتظر لمبادرة استثنائية من احدى الجهات ذات الاهتمام للحفاظ عليها، لان في العمر لم تعد الكثير من الايام كما يقول، وان اولاده لايعبئون كثيرا
بهذه الثروة.