- عبدالرحمن بجاش
أول مرة وقع نظري على الدكتور أحمد محمد الأصبحي بعد إن عاد من العراق وسكن شارع الدفاع في الصافية، فيما كنت أنا في بيت المساح جار الدكتور أحمد..
ذات ليلة سقط المساح من على السلم فوقع على جنبه الأيمن، فَضَلّ يصرخ “ياجشائبي” ، كان متواجدا تلك الليلة محمد وهاس، كان يسمع المساح يردد ياجشائبي ويستغرب متسائلا:
إنا ماهي القشائب ؟؟
أنا ساكت
والمساح يصيح:
ياوهاس روح صيح للدكتور أحمد أنا باموت..
ذهب الوهاس ودعا الدكتور الأصبحي الذي لم يتردد عن المجيء، ليدخل يديه تحت “الجشائب” كما يسميها جزء من الحجرية، كان الوهاس يتابع باهتمام ليكتشف “القشائب” !!!
عندما لاحظ أن المساح ارتاح، وجه كلامه له:
لارحمك برحمته عتقل اضلعي !!
كنت أشاهد الدكتور احمد صباح مساء ماراً هو وزوجته الفاضلة..
بعدها عرفته وزيراً للصحة، ومن ثم التربية ومن ثم الخارجية..
وفي المؤتمر التأسيسي للمؤتمر الشعبي العام وفي الكلية الحربية كان رئيساً للجنة الاعلامية..
رآني في القاعة أحاول أن أصل بصوتي شاكيا، فلم يسمعني أحد، حتى تنبه لوجودي، قلت:
يادكتور أحمد اسمي بين المؤسسين نزل خطأ، قال أيش نزل ؟
قلت هكذا:
عبد الرحمن بجاش قاسم، بينما أنا عبد الرحمن قاسم بجاش
رد ضاحكا:
الوضع أعوج مثلما طلعوا اسمك …
كان البردوني يحترم أحمد الاصبحي لثقافته وموسوعية فكره، وبالفعل فالدكتور أحمد إضافة إلى الطب رجل مفكر وأديب وروائي.. وفي رمضان الماضي عدت أقرأ روايته الموسومة:
حب في زمن البريسترويكا “بمذاق عسل جردان” ..
والميثاق كان وظل أباه الروحي بلا منازع والأمين على المؤتمر الذي قال عنه الشيخ عبد العزيز الحبيشي بعد أن ذهب منه الأصبحي إلى الأردن مجروحا في أعماقه:
مثل شًقَات العوانة، عبي له بطنه وخزن له ويشقى معك شُقاة زامل.
صدّق الأصبحي أنهم يريدون تنظيم سياسي حقيقي فبذل كل الجهد في سبيل إيجاد البنية التحتية الفكرية له، لكنهم أرسلوا من يحاول قتله ليدعو أن القاتل مجنون..
ذهب إلى الأردن ليعيش مكسوراً شاعراً بالظلم، ويعود ولكنها عودة بلا حماس، ليعود إلى بيته ليرحمه مرضه ويبقيه في بيته متصالحا مع نفسه..
ظل يكتب بلا حدود ويقرأ أكثر..
حتى هزمه المرض وهي الهزيمة السماوية التي لايجد الإنسان أمامها سوى الاستسلام لأرحم الراحمين..
السلام على روح الرجل..
ولا عزاء على من لعبوا بالبيضة والحجر.