تحت عنوان مكثف “قدِّيس خارج اللّوحة”، أصدر مؤخرا الشاعر اليمني أحمد السلامي ديوانه الرابع مؤخرا عن منشورات مواعيد بصنعاء.
ويشكّل هذا الإصدار اضافة مهمة لقصيدة النثر اليمنية، من شاعر أنيق يمتلك زمام تجربة شعرية تمتد لثلاثة عقود، تتجلى نصوصها في الجملة الشعرية المرهفة وانزياحاتها المرتكزة على خبرة طويلة في كتابة النص الشعري.
وجأت المجموعة بثلاثة أقسام رئيسية تحت عناوين مختلفة وذكية حرص الشاعر من خلالها على لملمت لحظاته الشعرية بتناقضاتها ومفارقاتها الشفيفة، حمل القسم الأول عنوان “الانتِقَامُ للمَوتَى”، فيما حمل القسم الثاني عنوان “احتِفَال”، ثم القسم الثالث بعنوان “أَقربُ إِلَى الجَحِيم”.
يذكر ان الشاعر السلامي والذي يمثل احدى تجليات تجربة التسعينيات الشعرية في اليمن سبق وأصدر ثلاث مجموعات شعرية وهي:”ارتباك الغريب”، “حياة بلا باب”، “دون أن ينتبه لذلك أحد”، إضافة إلى كتاب نقدي عن شعراء التسعينيات بعنوان “هوامش على المشهد الإبداعي التسعيني في اليمن”.
من نصوص المجموعة الشعرية “قديسٌ خارج اللوحة”:
سلام
من بين غبار المعارك
وبعد كلِّ حربٍ
يُطلّ السلامُ حزينا ووحيداً
لا تلتفتُ إليه
إلاّ عيونُ القتلى
قديسٌ خارج اللوحة
ما أعرفه تماماً
أنك تنتمي لفصيلة البشر
تنجب أطفالاً
وتقف مثل الآخرين أمام الصراف الآلي
تحزن وتفرح
كأي إنسان
تيقّن من الأمر بنفسك
انتزع ملامحك بهدوء
من داخل تلك اللوحة
التي تظن أنك بداخلها
وحين تستعيد ظلك
تأمل اللوحة من خارجها
يمكنك الاقتراب أكثر
سترى أن الأنبياء والقديسين في اللوحة
لا يفتقدون صورتك
لأنك لست واحداً منهم.
عندما تنتهي الحرب
سيرتبك المرضى بالحرب عندما تحطُّ رحالها فجأة
سترتجف أصابع من أدمنوا الكتابة عن الانتماء للمقابر
سيعيدون تعريف الوطن بأنه الذي يجب أن يحارب إلى الأبد
وسيخسر بعض الشعراء القذائف الملهمة
سيندمون لأنهم لم يحتفظوا ببعض جثث المعارك في ثلاجاتهم
وستبكي ساحرة صفراء لأن الحرب لم تستمر
ستحاول إخبارنا أن الحرب كانت لطيفة للغاية
وأنّنا لم نفهمها جيداً