- كتب: عمار البذيجي
شخصيا لا أحب التحيز في الرأي والعصبية في المواقف وليست لدي مشكلة في أن ينتقد أحدهم #أيوب_طارش أو بعضا من أغانيه وكلماته وحتى كلها، لأني أنا أيضا أنتقد كثيرا من شطحات أيوب طارش ومبالغاته، ويقف شعر رأسي أحيانا لسماع بعض كلمات أغانيه حتى يخيل لي أنه ستصيبني قارعة من السماء بسببها.
لكن مع ذلك وجدت نفسي مندفعا لمناقشة الدكتور غيلان من زاوية موضوعية مجردة وبيان خطأ وهشاشة ما ذهب إليه بشأن فناننا الكبير #أيوب_طارش_عبسي لأسباب عدة:
أولها: أن الدكتور اخذ نهجيا تعميميا واصدر حكما نقديا باعدام ايوب معتبرا انه لا يملك ثقافة أدبية وانه يتعامل مع الكلمات بعقلية القروي، ومع احترامي لرأيه إلا أن تجربة ايوب ومسيرته والقصائد التي غناها لعمالقة الشعر جلها إن لم تكن كلها تدحض ذلك وتؤكد عكس ما حكم به الدكتور غيلان، وهو ما يؤكد ان الحكم كان مقصودا ينطوي على شيء غير النقد، اذ لا يمكن اعتباره موضوعيا ولا حتى انطباعيا.
ثانيها: غياب الموضوعية، والقفز على الواقع في استدلال الدكتور على حكمه باتكاء أيوب على قصائد الفضول بشكل مجرد وتعميم يدحضه الواقع، وفيه نظر لانه بالرغم من امتزاج تجربتي ايوب والفضول معا كثنائي، فقد غنى ايوب لشعراء عمالقة أخرين لايقلون عظما عن الفضول وبكلمات تفوق بعضها كثيرا من قصائد الفضول منها (واطائر امغرب للشاعر الكبير جحاف)، وهو ما يؤكد أن علاقة ايوب بالفضول علاقة تكاملية فكما صنعت كلمات الفضول من ايوب فنانا وطنيا عظيما فإن صوت أيوب والحانه واداءه صنع من الفضول شاعرا خالدا في وجدان وضمير الشعب والا لم يكن معظم الناس تعرف من الفضول وما شعره لولا أيوب.
ثالثها: أكثر ما دعاني لمناقشة راي الدكتور غيلان هو الشاهد الذي ساقه كدليل على انعدام ثقافة أيوب وضعف ذائقته، بينما اعتقد أن الشاهد يدين الناقد بما رمى به كاتب النص ومغنيه، إذ ليس من المعقول، أن ترى شخصا يعب من نهر خمر جار ثم لايسكر به، بل ويزعم أنه ملح أجاج، ثم تسكت وتغض الطرف عنه.
لذلك أقول: “مع احترامي للدكتور قائد غيلان” أن القصيدة التي ساقها كأسوأ ما غنى أيوب للاستشهاد بها على ضحالة ثقافة أيوب الادبية وتدني شاعرية ما يختاره هي في الحقيقة حجة عليه.وليست له.
ولا أدري كيف قرأ وسمع الدكتور كلمات تلك القصيدة بل كيف لم يثمل بها وهو يرى بأذنه وقلبه أيوب يرسم بصوته الشجي صور الطبيعة مترعة بالجمال والنفائس التي تقطر عذوبة فتسقي بعضها بعضا، (مرهف رشا والندى في وجنتك) بينما يبلغ بأيوب الظمأ حد الجنون (هيمان، ظمآن، عاطش، فهل يقطر نداك)
وكيف كيف لم يسكر و أيوب يصب له خمرة الرضاب على حبات ثلج من زبرجد في كأس من شفاه (شهد امتزج بالزبرجد في شفاك)
وكيف لم يغب عن الوعي وقد دارت به كلمات أيوب في سكرة حلزونية تطحن روحه طحنا وتغوص بخياله في سبع أرضين (روحي قبضتك.. روحك بروحي رحى).
لذلك، ءأمل أن يعيد #قائد_غيلان والأصدقاء الذين مشوا معه في وجهة نظره تلكو من #محبي_أيوب وغيرهم أن يعيدوا قراءة القصيدة وان يعيشوا مع أيوب وأغانيه بأرواحهم وحواسهم ومخيلاتهم ليدركوا كم هي ذائقة أيوبة الشعرية مرهقة وشفافة حد النور، والكم المهول الذي يمتلكه من اللغة والثقافة الأدبية.
مع أصدق احترامي وتقديري للجميع وإن كانت وجهة نظرهم مغايرة.