- عبدالرحمن بجاش
للمرة الثانية والثالثة انبهر، وسأظل منبهرا كلما أقتربت من الاثنين، ويشهد علي محيي الدين سعيد، فقد أتصلت به صباح أمس، قلت بدون مقدمات:
غير أيوب هل كان أي فنان يستطيع تقديم الفضول ؟
بحسم، قال:
لا …
وأنا معه..
وأضاف صاحب أهم كتاب عن الثنائي الكبير” الظمأ العاطفي ” :
الفضول وأيوب فلتة تاريخية بالنسبة لنا نحن اليمنيين.. وأضاف وأنا معه في ماقاله ولم يقوله:
كيف كانت حياتنا سنكون بدون الفضول وأيوب ؟ كيف لنا أن نفرح ؟ وأضيف أنا : حتى الأرض والسنابل والطيور وزرقة السماء غنوا مع أيوب كلمات الفضول…
أقول قولي هذا بعد إن ظللت أسمع ذهاباإلى نهاية المدى وعودة من تخوم الآفاق: ” املئوا الدنيا ابتساما” ..، وكلما أسمعها ، أنني أفاجأ بها أول مرة..
هذه الأغنية لوطن نحلم به، يفترض أن يسمعها الأطفال والتلاميذ والطلاب في مدارسهم وجامعاتهم وانديتهم، والأفراد يفتتحون بها نهاراتهم، هل تراني أبالغ ؟ إسمعوا أيوب واحكموا..
على الأحزاب ان تعتمدها أغنية لكل حزب.. وعلى الأعراس أن تفتتح بها فرحتها الكبرى..
سيقول أي متنطع:
بالغت..
أقول إذا كان الإحساس بالسمو مبالغة، فليكن..
إذا كان الشعور بأنك تسبح وأنت تسمع في ملكوت السماوات مبالغة، فليكن..
الفضول عصر كل لحظات حياته في هذه الأغنية وتوزع على كل أغاني أيوب الذي عاش في أعماق الفضول يقرأه حتى اجاده وحفظه..
املأوا الدنيا ابتساما، لوكانت دخلت ضمن المقرر اليومي لمؤتمر الحوار الوطني لكانت لانت القلوب التي قُدّت من حجر، ولم نكن قد وصلنا إلى نهر الدماء المستمر حتى اللحظة..
ثمة أغنية تحمل هم وطن، وهذه تحمل هم هذا البلد من لحظة إن ولدها الفضول ؟ متى ؟ في الستينات، يعني أول المعشر كما كنا نقول في المعلامة.. للأسف لم يسمعها أحد، لأن لا أحد فكرفي ثقافة للثورة تهدي الحائرين وتحمي من النكوص..
هنا أتوقف عند ذلك الصعيدي الرائع شعبان البوقي الذي كتب تحت عنوان : “صدقوني …أيوب ليس مغنيا” ، كلام البواقي يتجدد كل يوم وتكبر أهميته مع مرور الوقت كسعر الذهب..
ماذا لوكان البوقي قد جالس الفضول ؟ وماذا لو جلس إلى الاثنين وهما ينحتان معالم كل أغنية ؟ ، فالفضول وأيوب لم تكن علاقتهما كلمات تقال وترسل مع أي كان ومغني يتلقفها ويظل يصرخ بها في الأعراس والمناسبات وكفى المؤمنين شر الفن !!!
لا ..
كانا كمن يرسم لوحة، يجلسان يضعان الخطوط العريضة، يتفقان هنا، يختلفان هناك، يرفع الفضول صوته، يخفض أيوب الصوت احتراما، يدندن بأوتاره، يبتسم الفضول في الأخير..
تخرج الكلمة المنحوتة إلى الناس فتردد أولا بين جبل الضبوعة وحضن صبر، ثم يرسلها فنار العروس إلى عقول اليمنيين فرحة جذلة بالفضول وأيوب اللذين خلقهما أرحم الراحمين مكملين لبعضهما.. غير أيوب لم يكن يستطيع على الصعود إلى قمة الفضول، غيره كان سيتعب من الصعود حيث الطريق إلى أعالي الفضول صعبة لا يستطيعها غير أيوب.. لا يعني هذا أي انتقاص من قدرات ومواهب الفنانين والشعراء الآخرين، هو إقرار تميز حالة رأيناها في حياة كثير من الكبار، خذ فيروز والرحابنة نموذجا، كما قال صديقي عبد الله المتوكل:
برغم كل الكتابات فالفضول لم يأخذ إلا القليل، وأقول أنا وكذلك أيوب.. بحر هما في أرضنا، أحيانا لا ندري أنه جزء من كينونتنا..
يبدو أنني أطلت، لكنها الإطالة التي تليق بصوت وقلم..
لله الأمر من قبل ومن بعد .