- كتب: جمال حسن
شاهدت بعض أجزاء من حفل روائع الموجي، الذي أحياه عدد من الفنانين العرب على مسرح أبوبكر سالم في الرياض.
ولدي عدة ملاحظات، لكن قبل ذلك، سأوضح أنه يجب أن نفصل بين الفن والسياسة،
وعلينا الاعتراف بأن السعودية تصبح مركزا فنيا مهما في العالم العربي، وهذا الدور سيساهم في تطور فنونها، وازدهار الواقع الفني.. الحفلة إحياء لذكرى ميلاد واحد من أهم الملحنين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين، وهو محمد الموجي، وتم دعوة عدة مغنيين معروفين لأداء بعض أهم أعماله..
لكن، كان واضحا أن الحفلة مفتونة بالشو، الاستعراض. وهو ما تطرحه استدعاء عدد كبير من المغنيين المشهورين.. أي الكم على حساب النوع، وأيضا دون الاهتمام بالجانب الأداءي..
مثلا كان أداء عبادي الجوهر لأغنية حليم كامل الأوصاف هزيلا.
أيضا المغنية التي قدمت أغنية أم كلثوم إسأل روحك، كانت رديئة للغاية، أنا لا أهتم بالابهار والبسمات، والمظاهر الفخمة، بقدر اهتمامي بجوهر الشيء، ومادام ذلك موسيقى فما يهمني كيف قدمت.
على أي أساس وقع الاختيار على تلك، حتى طريقتها في اعطاء بصمة لمطلع الأغنية اسأل روحك، كان غبيا.. أيضا عدم إجادتها اللحن في كثير من المواضع.
أعتقد أن أصوات مغمورة ومقتدرة كانت ستؤدي أفضل من أولئك المشاهير، وسيستمتع الجمهور بشكل أفضل، لأنه سيفضل أن يرى أولئك المشاهير يؤدون أعمالهم، أفضل من أداء مرتبك لأعمال الموجي.
أيضا شعرت بالانزعاج من أجل شيرين، كان أداءها يروي عن الجانب المأساوي الذي حل بها نتيجة مشاكلها العاطفية.. تدهور في الصوت، أيضا حضورها الذهني الهش.
جانب آخر مهم، رغم ضخامة الأوركسترا، ووجود عدد كبير من العازفين، لاحظت أن جودة العزف والتوزيع في التسجيلات الأصلية للأغاني أفضل.. مثلا إسأل روحك، أسلوب العود الذي يجاوب على الوتريات أكثر رهافة، مقارنة برنة القانون.
لكن هناك جانب مهم يجب أن نفهمه، الموسيقى العربية طابعها اللحني أحادي، وضخامة الأوركسترا، لا يؤدي دورا وظيفيا بقدر أنه يصبح حضور فضفاض.. في الموسيقى الغربية، اتساع الأوركسترا لا يأتي عبثا، فالآلات لها أدوار معينة، تحددها الخطوط اللحنية المتعددة ذات الطابع الهارموني أو البوليفوني، ومثلا في أعمال حجرة لأربع آلات تكون هناك أربعة خطوط تلعبها كل آلة.. بينما في الأوركسترا تكون هناك عدة خطوط، تلعبها مجموعات مختلفة، وتناغم الأصوات تحققه تلك الآلات، ودور المايسترو، هو إدارة تلك المسارات اللحنية، وقيادة الفرقة حتى تؤدي عزفها بأفضل وجه.
في الموسيقى الشرقية الأحادية، يصبح زيادة الآلات، خصوصا من عائلة واحدة عبثا، بينما وجود عائلات مختلفة سنفهم منه تعزيز طابع صوتي ما أو توزيع محدد بين الآلات، أما وجود هذا الكم، لتأدية خط لحني واحد لا يضيف للحن شيء.
هذه ملاحظات تقنية تتعلق بالموسيقى العربية، لكن كما قال صديقي أحمد أنه من الجيد أن تشغل هذه الحفلات هذا العدد من الموسيقيين. وأنا ضد قطع العيش، لأننا في بلد يقطعون فيه العيش عن المواطن ويتركوه يسحق بالأقدام من أجل عشرة دولار.