- كتب: عمران الحمادي
مع انتقال الحرب إلى الدراما في الجغرافية اليمنية سرعان ما بدأت القنوات بتقديم برامج مختلفة بين كوميدية وبين أعمال أكثر افصاحاً كل يهاجم الآخر بطريقته وفق المنهج الذي يسير عليه، حتى وصلت إلى إنتاج مسلسلات رغم موسميتها واعتياد المتابع اليمني إلى وجود كثير من الكوميديا فوجدت أكثر من عمل درامي مع بداية الحرب يناقش ويقدم توجه الجهة الصانعة له.
يجمع الكثير من الكتاب والمشاهدين على أفضلية مسلسل العالية الذي أنتجته قناة يمن شباب وهو عمل درامي امتاز بكثير على بقية المسلسلات المحلية التي دخلت السباق الرمضاني لهذا العام نتيجة لجودة وتراتبية الحدث الدرامي إضافةً إلى الموسيقى التصويرية وهما العاملان الأكثر نجاحاً ووضوحاً إلى وجود بعض الأمور الفنية التي وقعت في أخطاء كثيرة لكنها ليس بخطأ أوقع المسلسل في شباك الحرب ومنهجية عمل القناة في توظيف أي عمل ضد خصمها الآخر.
كان لهذه الأفضلية أن تتخلص من ضرورة مهاجمة الحوثية في عمل درامي وأقول ذلك ليس دفاعاً عن جماعة دينية هي الأخرى وحشية، تجمعهم العنصرية والولاء للجماعة والمنهج ويشتركون في الظلم والطغيان..، بل محبة في مسلسل أوقعته رؤية القناة حسب تقديري في حفرة كان عليهم التخلص منها في عمل درامي وجدت الكثير من الإخفاقات نتيجة لذلك، فوجود المشعوذ وارتدائه للثوب الأخضر طوال المسلسل، أيضاً غطرسة الحاكم وكمية الثورة ومناهضة الظلم لدى القبيلة ـ«الرعية» وأخيراً تقديم صورة أكثر ثورية جميعنا يعرفها فاليمني الذي ثار ضد الظلم والطغيان لايحتاج اليوم أن تعيدوا له إنتاج صورة أو مشهد ثوري هو يعمل عليه أكثر مما تقدمونه أنتم عبر شاشة تتآكل ببطء معلنةً الفشل واليأس في آن واحد.
تعثر واضح أوقع عملاً درامياً هو الوحيد الذي أتابعه والذي أثبت نجاحاً كان سيتجاوز حدود محليته لولا مطباً أوجدته الحرب مقتحماً شباك كثير من الدول ومضيفاً الكثير إلى بلد لاتزال جماعات الدين الإرهابية وأطراف النزاع تهشم كل مراياه لكنه يأبى الإنكسار معطياً قدر استطاعته في مجالات ابداعية متعددة باستثناء الدراما التي وكأن هذا التعثر الذي لايحتاجه مشاهد بات يعيش تفاصيل الحرب بشكل يومي ضرورياً، فأن يقول لك أحدهم الحوثية ظالمة ووحشية، تفرض الجبايات، أو الإصلاح حزب مصالح وجماعة ألقت بخنجرها ضد الشرعية مؤخراً، عبر مسلسل هذا ليس جديداً على مواطن أرهقته المخاوف من كليهما، بل وأجده يقزم العقل ويقلل من الإبداع اليمني فنحن وربما كثير من المشاهدين يحتاج في وقتنا هذا إلى عملاً درامياً بعيداً عن الحرب وحفرها المتكاثرة ليس هروباً منها بل من دورانها والتفاف أطرافها وتقلاباتهم بين حين وآخر.
هذا التعثر رغم مأساته لم يحجب الكثير من الضوء على مسلسل رغم كثرة وجود الأخطاء فيه التي أهمها هو استمرار تعنيف المرأة والتقليل منها ومن أدوارها واختلاق تبريرات سطحية كشف عنه مؤخراً في منشور صغير الروائي علي المقري هو الأكثر مأساوية والذي يؤكد ضبابية وقتامة الفضاء الذي تعمل عليه كل أطراف الحرب فتأتي المرأة مشكلة لدى الجميع فشاشة وقنوات صنعاء تعيش حالة أزمة معها وهو نفس الحال الذي تعيشه الشاشة الأخرى، فإلى أي مدى ستنال الحرب من سيطرتها على العقل سؤالاً متروكاً للزمان والمكان.