- كتب: عبدالحكيم هلال
في منشوري الأخير عن #الدراما #اليمنية، تركتُ لكم حرية التعليقات- كعادتي طبعا- دون أي رد مني او تعليق (ولا حتى اعجابات أو رموز تعبيرية)، ولكثرة ما ورد فيها من سوء فهم واخطاء وأفكار وردود غير دقيقة، وبعضها غير لائقة وربما حاقدة ايضا على ممثلين بعينهم… الخ، قررت أن أفرد لكم هذا المنشور، المتضمن أهم وأبرز الردود، وهذا لا يعني الاستغراق في الجدل وردود الفعل، بل هو نقاش ومحاولة توضيح او تصحيح بعض الأشياء المغلوطة في اعتقادنا..
- الأهم، والمتكرر في التعليقات، الحديث عن الذائقة الفنية للجمهور (الذي تقدم له الأعمال الدرامية) باعتباره الحكم والفصل، دون اي اعتبار للتخصص..
وهذا أمر قد يكون صحيحا، الى حد ما، لكن هناك من حاول الاصطياد في الماء العكر واستخدم هذا الحق واراد به باطل. لأن حديثي كان عن اراء المتخصصين كـ”حَكَمْ” وليس اراء الجمهور كمتذوق للعمل الدرامي، وهناك فرق لو تعلمون كبير. فالذوق يختلف من شخص الى آخر، بينما الأحكام العلمية يفترض بها الإلتزام بالمعايير المنهجية..
وطالما أننا نتحدث عن (نقد) فيجب أن يكون للنقد أصوله، مع احترامنا لأراء الجمهور كذائقة فنية، وليس كرأي فني علمي منهجي، يعتد به.
لذلك سأعيدها هنا، لمزيد من الايضاح: لم أجد اراء متخصصين في الدراما، في الاخراج، في التصوير، في الاضاءة، في السيناريو،… الخ، ينتقدون #مسلسل_العالية (مثالنا هنا)،الا النادر، وكما تقول القاعدة؛ فالنادر لا حكم له.
ثم ان النقد ليس من الجيد أن يطال كل تفاصيل التفاصيل الصغيرة، الا عندما نكون قد قطعنا شوطا كبيرا في مجال الأعمال الدرامية. هذا ما قلته بكل وضوح في منشوري السابق. بمعنى أن النقد- في وقتنا الراهن- من الجيد أن ينصب في الثلاثية الرئيسية الاولى للعمل الدرامي: النص والسيناريو، والأداء التمثيلي، والاخراج. (بعدين لما نكون قد نحن محترفين دراميا، نرجع نتكلم عن بقية الأخطاء التفصيلية الصغيرة).
- اما بالنسبة للنقد الذي طال شخصية “قطام”، فبعضه كان حاقدا، وبعضه كان رومانسيا، ومعظمه كان من غير دراية بما تعنيه مثل هذه “الكركترات”، الاستثنائية في المسلسلات الدرامية (غير الفكاهية)، لما تضفيه من روح كاريكتورية لهكذا مسلسلات اجتماعية تراجيدية مشبعة بتفاصيل الحزن والألم.
هذا عوضا عن أن اداء مثل هذه الكركترات، ليست متاحة لجميع الممثلين، بل نادرا ما تجد ممثل يمني يجيد مثل هذه الادوار الاستثنائية النوعية، لما تتطلبه من تغييرات جوهرية في طبيعة وشكل الممثل، صوتا وحركة وتعابير وتقاسييم الوجه، بشكل دائم طوال اشهر التمثيل وآلاف المشاهد، برتم ونسق واحد دون اخطاء..
والممثل المبدع عامر البوصي أحد أبرز اولئك الممثلين القليليين القادرين على خلق شخصيات كاريكاتورية والتعايش معها كأنها شخصيته الحقيقية. بل أزيد من ذلك؛ ان هذا الممثل قادر على تنويع الكركترات من مسلسل الى آخر، فقد شاهدناه بشخصية “بيرم” في مسلسل همي همك، ثم سعد الخفيف في مسلسل ليالي الجحملية، ثم شخصية “قطام” في مسلسل العالية.. وهي كركترات مختلفة، وهذا هو الابداع الاستثنائي.
وطالما أن هناك من اعرب عن كرهه الشديد لشخص عامر، نتيجة تمثيله شخصية “قطام”، فهذا لا يعني الا انه نجح في تجسيد هذه الشخصية (الكُريهة)، وهذه ليست مثلبة، بل وسام شرف يستحقه.. - وبالمناسبة الدراما، لا تقوم على مبدأ “ما يطلبه المشاهدون”، بل كثيرا ما تقوم على العكس تماما؛ أي “ما لا يطلبه المشاهدون” خصوصا في الدراما الاجتماعية، والجريمة..
والأعمال الدرامية اليوم تراهن على قدرتها في تجاوز افكار الجمهور (البسيط على الأقل) في حبكاتها ومساراتها ونهاياتها..
لذلك نحن تحدثنا عن أهمية اراء المتخصصين وليس الشعبويين غير المدركين لهذه المعاني. اما الأسوأ هو أن يضع احدهم نفسه في موضع متخصص فني، وهو لا يفقه شيئا في الفن..انما هي ذائقته الفنية فحسب. وهذه مشكلته، ولا يجب أن تكون مشكلتنا نحن.
نصيحة أخيرة: هناك أناس نكديين، جُبلوا على افساد المتعة على انفسهم، فلا تدعوهم يفسدونها عليكم أيضا.. فقط انتظروا ما ستؤول اليه تطورات الأحداث تدريجيا في #مسلسل_العالية.. فما مر ليس الا مجرد تمهيد لجبال من الأحداث والحبكات المثيرة (مش حتقدر تغمض عينيك)
حتى قطام ستدهشكم تحولاته الدرامية.