- طارق السكري
هل يمكن للحظة أن تخبرني : ماذا تريد؟ تركض ركض الوحش في البرية ليل نهار، ولا ترجع بشيء!أريد … لا يهم! ولكن لماذا تسأل؟ إن كنت ضايقتك بشيء، فَـ.. لماذا تصرُّ على إحراجي؟ ألا ترى أظافري.. وثيابي المتسخة؟ رغم التراب المتساقط على وجهي أنا أزحف إلى الأعلى!
مَن منا يعرف ماذا يريد في هذا الوطن المنكسر، وهذا المنفى الجريح؟
غير أني لا أنتظر من أحد شيئاً، ولا أرغب باستدرار الشفقة من أحد.
لديَّ ما يكفي من الخَيْبات لتحفزّني إلى الأمام، أليس الألمُ جزءاً من الحياة؟.
الطموح يدفعني لأن أعيش كالنحلة، وأعطي كالنحلة. أقرأ وأبدع، وأشارك الآخرين أجمل ما لدي –ما أظن أنه أجمل ما لديّ- لا أدّخر شيئا لنفسي، يُقدّرني البعض، فلا أهتم، ويجحدني البعض فلا أهتم.
أبَكتْ تِلكمُ الحمامةُ أم غَنَّتْ.. على فرعِ غُصنها الميَّادِ
سيَّان!
نعم، هو كما قال أبو العلاء المعرّي. سيَّان. البكاء أم الغناء!
عالم يمشي بالمقلوب ويدَّعي العقلانية والتفوق، ونحن جزء منه بالطبع، لا ننكر، ولكننا نحاول أن نسلك سبيل المجانين لعل الله يكتب لنا الأجر!
لا بأس أن نبكي قليلاً أو كثيراً.. لا يهم، الله قريب من الذين يبكون.
أعجبني قول الروائي هرمان هسه عن الدموع في روايته: مسلسل حلم “الدموع جليد الروح”. إن الروح لتكاد تختنق مما يتراكم عليها من غبار الخناجر الصديقة، وروائح طلقات الرصاص الأخوية! لكنها تبرأ من ذلك كله وتضحك نوعاً ما، عندما تبكي!
الأصل أن نمضي للأمام، رغم أن المضاء واللامضاء سيان! حتى الصداقات أصبحت كالعداوات تؤذي.
الصَّداقاتُ كالعداوتِ تُؤذي.. فَسَوَاءٌ مَن تصْطفي أو تُعادي
نعم، هو كما قال البردّوني!
الصداقة أو العداوة سيّان، هما عندي أصبحا سيّان!
لقد ذاب الجليد واختطلت الروح بالدموع، فصرتُ حزناً وجسداً!
لكنه حزنٌ نبيل ، ولا أشعر بفرق بين الحزن والسعادة! كلاهما في نظري سيّان.
الحياة جميلة..
علينا أن لا ننهزم لظروف الواقع، وأن نحلم بغد أفضل.. لا أدري كيف سيكون هذا الغد بصراحة! لكن أعتقد أن القدرة على الحلم، مستوى أرفع في سلّم البشريّة، ومرحلة متقدمة في النضج، لا يُؤتاها إلا الذين لا يزالون يحتفظون بطفولتهم.. يتكلمون بعفوية ويضحكون بعفوية.
رغم أن الحلم يشبه مصارعة الثيران في رواية “رجال وثيران” مرهق وتكاليفه باهضة، لكن .. وكما قال البردوني:
مُـرَّةٌ أحزانُنا لكنّها.. وَاعذابَ الصّبرِ أحزانُ الرِّجالْ
لقد سقط الظلام على وجهي، وحطمتْ خيمتي الريح، وها أنت ترى الأفق مسدوداً!لا بأس بالمحاولة من جديد.
- كاجنج 28 مارس 2023