- يحيى الحمادي
بيوتُنا دَومًا هي الأَوهَنُ
فكيف لا نَأسَى ولا نَحزَنُ!
وكيف نستقوِي بأَرواحِنا
ونحن مِن أَشباحِنا أَجبَنُ!
وكيف نَستعدي سِوانا، وفي
بطونِ أَهلِينا لنا مدفنُ!
هنا يَصِيدُ الأُمَّ أَبناؤُها
وإِن نَجَت فالزَّوجُ لا يَأمَنُ
وإِن نَجا، أَو فَرَّ مِن غَدرِها
فإِنها صَيدٌ له مُعلَنُ
ويَأكُلُ الإِخوانَ إِخوانُهُم
لِفَرطِ ما بالغَدرِ قد أَيقَنُوا
وما لنا في الأَمرِ مِن بدعةٍ
فنَحنُ مِن آباءِ غَدرٍ بَنُو
إِذا التَقَى الرَّأسَانِ مِنَّا فإِنـ
ـنَما التَقَى الخَوَّانُ والأَخوَنُ
بَنُو فَناءٍ نَحنُ.. مُستَهجَنٌ
بقاؤُنا، والموتُ مُستَهجَنُ
مِن الحَريرِ الصَّلبِ مَنسوجةٌ
بُيُوتُنا.. لكنها الأَهوَنُ
إِذا ذُبابٌ حَطَّ أَو نَملةٌ
تعثّرَت، كِدنا بِها نُطحَنُ
وليس مِن ضَعفٍ بها نَشتكي
ولا بنا.. لو أَنها تُقطَنُ
مُصابُنا أَنّا أُصِبنا بنا
كَما يُصِيبُ اللَّعنُ مَن يَلعَنُ
دِماؤُنا الزَّرقاءُ لا تكتفي
بِحَقنِ حاسِيها، ولا تُحقَنُ
على ذقونِ الريحِ مَنصُوبةٌ
لِبَعضِنا الأَشراكُ والأَلسُنُ
وفي الشُّقُوقِ السُّودِ كُلٌّ له
فَريسَةٌ تَدعُوهُ، أَو مَكمنُ
وكُلُّنا خاشٍ أَذى كُلِّنا
وكُلُّنا في الظَّهرِ مَن يَطعنُ
وكُلُّنا ماشٍ إِلى حَتفِهِ
إِذا التَقَت بالأَعيُنِ الأَعيُنُ
فهل إِلى أَمنٍ سبيلٌ لنا
وأَكْلُ أَهلِينا هو الدَّيدَنُ!
إِذا فَقَدتَ الأَمنَ في مَسكَنٍ
فإِنَّهُ مَنفَاكَ.. لا المَسكَنُ
ومِن أَخٍ إِن خِفتَ أَو مِن أَبٍ
فَأَنتَ في الأَعداءِ مُستَأمَنُ