- طه العامري
يقول الله سبحانه وتعالى (عسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم) ويقال رب ضارة نافعة وثمة فوائد إيجابية قد تبرز من بين أشلاء الضحايا الذين قدر لهم أن يكونوا وقودا لإحداث أبرز إنجازاتها تتمثل في إسقاط الأقنعة عن الوجوه الزائفة، وان كانت مثلا أحداثنا المحلية قد كشفت الكثير من الحقائق أهمها إننا عرفنا (العاقل) فينا من (المجنون) والوطني من المرتزق، فأن ما يحدث في (أوكرانيا) قد مكنا من معرفة هذا العالم على حقيقته، وكما تظهر صورة نجوم السينماء على حقيقتهم بدون مكياج أو رتوش بعد إنتهائهم من الاستحمام حينها تعرف ان من تراه على الشاشة بسن (العشرين) هو في الحقيقة بسن (الستين )؟!.
في حرب أوكرانيا ظهر هذا العالم على حقيقته، وان كنا ندرك انحطاط ونفاق هذا العالم من خلال قضية فلسطين والعدوان على العراق ولبنان وسورية واليمن وليبيا، والكثير من الاحداث التي شهدتها خارطة ودول وشعوب العالم في قارات اسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وحتى في أوروبا معقل (الديمقراطية والتحضر والإنسانية) نموذج جمهورية يوغسلافيا وما حل فيها على يد (المتحضرين _وفي مقدمتهم أمريكا عاصمة (العالم الحر)..؟!.
حرب (أوكرانيا) جعلت العالم يعرف وبكل وضوح وشفافية حقيقة المتحضرين ودعاة الحقوق والحريات الذين نصبوا أنفسهم اوصيأ على شعوب العالم أولئك الذين يذرفون الدموع على (حيوان علق في نافذة لناطحة سحاب) و يتباكون على (زرافة) تاهت في ادغال أفريقيا، وينصبون من أنفسهم اوصياء على حقوق الإنسان وعلى حريته ، بل ويربطون علاقتهم ومساعدتهم لانظمة وشعوب العالم بمدى احترام هذه الأنظمة لحقوق مواطنيها وحريتهم في التعبير عن آرائهم بما في ذلك حرية (التدين) وممارسة الديمقراطية وصولا لكفالة حقوق (المثليين والمثليات)..؟!.
في أوكرانيا بدت القيم المثالية الأمريكية والغربية وكأنها (تسونامي) جارف حيث هرولت أمريكا والمنظومة الغربية بالتصدي لروسيا الاتحادية حين اضطرت الأخيرة للقيام بعملية عسكرية لحماية مواطنيها وسيادتها ومصالحها القومية..بعد سنوات طوال من محاولة روسيا التوصل لاتفاق مع نظام أوكرانيا الذي جاءت به أمريكا والغرب في انقلاب على سلطة شرعية منتخبة كانت حاكمة قبله ولكنه لم يكن معاديا لروسيا ولم يكن تابعا لواشنطن ولا تنتمي رموزه لجماعات (النازية) ولأنه كذلك تم الانقلاب عليه بتخطيط وتمويل أمريكي _غربي دون اعتبار للسيادة الأوكرانية ولحرية وكرامة الشعب الأوكراني وإرادته..؟!
أمريكا والمنظومة الغربية هاجموا جمهورية يوغسلافيا واسقطوا نظامها وعملوا على تقسيم جغرافية تلك الجمهورية إلى ثلاث دويلات متناحرة..؟!.
أمريكا والغرب هاجموا أفغانستان بذريعة مكافحة الإرهاب والمتمثل بحركة (طالبان) والجماعات الإسلامية المتطرفة التي أنشأتها في وقت سابق ورعتها أمريكا وأجهزتها الاستخبارية وحلفائها الغربيين وأجهزتهم بالتعاون مع عملاء أمريكا من العرب والمسلمين..؟!.
أمريكا والغرب وبالتواطؤ مع مرتزقتهم من الأنظمة العربية قاموا بغزو العراق بذريعة تجريده من (أسلحة الدمار الشامل)..؟!.
أمريكا والدول الغربية وبعض (أنظمة العهر العربي) كلفوا ( الكيان الصهيوني) في القيام بعدوانه السافر على لبنان والمقاومة بذريعة إقامة (الشرق الأوسط الكبير) كما صرحت بذلك وزيرة الخارجية الأمريكية (كونداليزا رايس)..؟!.
وأمريكا وحلفائها خططوا لما يسمى ب (الربيع العربي) الذي كان ربيعا (عبريا) بأمتياز باعتراف عراب ذاك الربيع (الصهيوني برنار هنري ليفي)..؟!.
أمريكا والناتو والغرب ومعهم بعض الأنظمة العربية العميلة لهم قاموا بإسقاط النظام العربي في ليبيا وقتل زعيمها ومزقوا النسيج الاجتماعي والوطني لهذا البلد..
أمريكا وحلفائها الغربيين والعرب أوجدو المؤامرة على سورية وجلبوا لها عتاولة الإجرام من الارهابين الذين تدربوا على يد أجهزة الاستخبارات الأمريكية والغربية والعربية والصهيونية، وينتمون لأكثر من 80 دولة..؟
أمريكا والغرب واذنابهم من العرب شنوا عدوانهم الإجرامي على الشعب اليمني بدون وجه حق..
إذا هل أوكرانيا هي ثانٍ أوطان (شعب الله المختار) بعد فلسطين حتى تحظى بكل هذه القيم الأمريكية _الغربية المؤغلة بالمثالية والمجبولة بكل المشاعر الإنسانية والقانونية والأخلاقية الحضارية؟!.
هل أوكرانيا وحدها (ذات سيادة) وشعبها يستحق تضامن أمريكا والغرب، فيما بقية الدول التي تدمرت على يد أمريكا وحلفائها هي بلدان لا سيادة لها ولا كرامة لشعوبها..؟! وهل القانون الدولي يعتمد فقط في نصوصه بحق السيادة لأوكرانيا والكرامة للبعض من مواطنيها دون الكل، فيما بقية الدول مستباحة السيادة وشعوبها لا كرامة لهم ودمائهم رخيصة لا تستحق أن يشار إليها..؟!.
يوغسلافيا، أفغانستان، العراق، سورية، ليبيا، لبنان، اليمن، هذه دول بلاء سيادة؟ ولا تنطبق عليها القوانين والتشريعات الدولية وفق القاموس الأمريكي _الغربي؟ ودماء أبناء هذه الشعوب مستباحة، طالما أن من دمرتهم ومزقتهم أمريكا والغرب؟!.
يتبع…..