- حسن الدولة
من المعلوم أن السجال المذهبي (الشيعي/ السني) كان تأجج أواره وهجيره من القرن الهجري الأول، وبخاصة بعد أن أسس معاوية الملك العضوض ، لكن لا يعني ذلك حضور ووجود التأثير السجالي المذهبي العقائدي أو السياسي على الحياة العامة وعلى العلاقات والتواصل الثقافي والاجتماعي، وذلك عبر كل تاريخنا.
وغني عن البيان ان المأزق الذي نحايثه حالياً من كراهية تبادلية بين المذهبين – والتنابذ بروافض ونواصب – هو نتيجة لمعطى قديم تخلق مع تسييس وتعبئة المذهبيات بالأجندة السياسية، وقد تأجج اواره بعد نجاح ثورة الخميني ضد شاه إيران ، وخوف الأنظمة الخليجية من تصدير تلك الثورة فتم مواجهتها من خلال إحياء المذهبية السنية وتبني تجميع الشباب من كل الاقطار العربية لمحاربة الاتحاد السوفيتي بدعم مالي من المملكة السعودية فوجدت المذهبية ترسانة ومنصة صلبة في دفع وتوجيه البراغماتية النفعية.
وصار كل مذهب ينفي الآخر ويدعي حيازة الحقيقة، وأنه وحده من يمتلك الحقيقة المطلقة، ووكل طرف يعتبر ما يعتقد صحته معيارا للحقيقة والدين الحق وما بيد الاخر دعاوى واباطيل لا اصل لها ، وكل يحتكر تمثيل الإسلام، ما يعني أن كل مذهب يتوهم التماس مع الإسلام الأصيل، وأن ما عداه صورة لا أصل للدين الحق. وهكذا تم إستجرار أقوال الماضين، واستعادة دعاواهم المتهافتة البعيدة كل البعد عن العصر.
وهذه هي آفة التطييف والمذهبية في أن كل يختزل الدين في أمور شكلية ليست من الإسلام في شيء من انتاج الفقه البدوي مثل تحريم الفنون والأغاني واسدال اللحى وفرض الحجاب وتعدد الزوجات ومفاخذة الرضيعات وارضاع الكبير وفرض السواك وتقصير الثوب، وقتل المرتد ونبذ المخالف، والتسابق في التضييق على الحريات وإشعال معارك على رسوم كاركاتورية لرسامين أجانب واقامة الدنيا واقعادها تحت دعاوى الإساءة للرسول، بينما هم الذين يسيؤون الى الاسلام والمسلمين، فاي صورة او حتى حرق القرآن لا يسيء إلا إلى فاعلة ، فكم تعودنا احراق المصاحب القديمة تكريما لكلام الله وتنزيها له من ان تمسه الأقدام ..فهؤلاء يظنون ان تلك الغيرة الزاىفة هي دفاع عن الاسلام ، بينما سلوكهم هو المسيء ، واثباتهم بان ديننا لا يقبل الرأي المخالف هو الذي يسيء للرسول ..
وهكذا كل يرى وجوده بنفي الآخر ، وكلهم يسيء إلى الإسلام، دين المحبة والرحمة والتراحم والتسامح دين الحريات المطلقة حتى حرية الكفر بالله وبرسله ” فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر “.الاسلام الذي لم يعط انسانا سلطة على أخيه الإنسان مهما علا كعبه في الدين فقال لنبيه الكريم “لست عليهم بمسيطر ” لكن عبد المذاهب من الاسلام السياسي السني والشيعي يسيؤون من حيث يظنون انهم يحسنون وكل حزب بما لديهم من بدع وخرافات فرحون.