- كتب: طه العزعزي
أشبه بمن يوجه لك ضربة ثقيلة على صدرك ويمتعض منك إذا سعلت !.، ماحدث أخيرًا تجاه توكل كرمان يمثل ماقلتهُ، ويستدعي أن تقول المرأة موقفها تجاه الردودات المبنية على المواجهة، يريدون لهذه المرأة أن تموت سياسيًا، إعلانهم واضح وخطير، كيف أنك تستنفر لإعاقة
مشروعها السياسي، كان ثوريًا أو لم يكن، ثم تستغفل أي رد قد يواتيك منها في أي لحظة، وإن كان هذا الرد فاقدًا لحيله عبر الفيسبوك، عن طريق منشور لاغير، لا عن طريق صلية صواريخ ولا جيوش مدججة بأحدث أسلحة الفتك، دعونا نكون صادقين، نقرأ السياسة بشفافية وبروح محايدة دون تمترس أو إثارة لغط سياسي، أنت وجهت لي ضربة في صدري يارجل، ولا تريد مني أن أكح.
أنا ضد الخطاطيف الممنهجة لإضعاف طرف وجعله خصم لدود لعدة خصوم، ففي الوقت الراهن كثيرًا مايعج المشهد السياسي اليمني بالخصوم، بما معناه أنهُ لايوجد طرفان يتقاسمان الخصومة كما عهدناه في الخطابات الإعلامية طوال مشوار الحرب، كنا نعرف أن الخصمان هما الشرعية والحوثي، ولكن الأمر الآن أكبر وأكثر من ذلك، هنالك عدة خصوم في يمن واحد، وخصوم أخرى تتقاطع مع مصالحها آتية من خارج الحدود، وقد جُعلت اليوم توكل خصمًا للجميع في الداخل من إصلاح ومؤتمر وحوثي ومجلس إنتقالي، وخصمًا لدودًا للخارج كالسعودية والامارات، أظن أن هذي المالآت وحدها كافية لتدل على أن الخصومة تجاه توكل بعينها، خصومة متفق عليها، بأي وجه يمكن لرجل سياسة اليوم أن ينساق مع الأطراف جميعها ويتعامل مع توكل كعنصر نافر عن كل السياقات.
تتضح اتفاقيات الموسم نهاية هذا العام وقد إستكملت خطتها، والآن تمضي بترتيب واستقطاع مربعات سياسية حليفة بخلاف طوابير الصف الأول السياسي وبتحييد متفق عليه لبعض المناوئيين لها على مستوى دبلوماسي وسياسي عالمي نشط لاحد له، وتوكل اليوم عكس توكل الأمس، تواجه في جميع الإتجاهات وبظهرٍ مكشوف.
عرفوها سياسية فرفضت هي في ذاتها العميقة أن تكتفي بذلك، أرادت أن تنجح، والحقيقة، أننا نريد للجميع أن ينجح وليس لتوكل فقط.الأدهى والعجيب، الذي قد لا نحتار في تفكيكه، أن النخبوي اليمني ينسحب إلى بناه الذاتية ليفقدها، تجده يخاطر سياسيًا بأقل وعيًا منه، يخاصم بلا رحمة، ويستوفي أوانه النقدي بالحظوي دون مقارنة أو ربط، يفعل ذلك وهو مرتاح من أنه فكر وشبّع اللحظة بانفعالات ذاته، نجده سيصفق لتوكل إذا كانت تعمل لصالحه، وبوسعه تملك عقلها ليدلها على الطريق، توكل حائزة على جائزة نوبل !، هل تعرف معيار ذلك ؟، الأمر أبعد من تطويعها أو تسييرها من قبل سياسي أو ناشط يقف في نفس الصف أو في الصف الأدنى، أبعد من ذلك بكثير، على الأقل نحيي شجاعتها وإرادتها السياسية، بدلاً من تحطيمها واختبار قابليتها لوجودنا الذي يرتقبها في الغادية والجاية. أبدًا هؤلاء يريدونها أن تكون إنسانه بلا سياسة، خدر غبي يبرره الضعف وتقويه الحاجة بحسب الطلب، ونحر واضح لإرادة المراة وتذكيه ترتجع ببنيتها الخصومة البحتة، هؤلاء يتقبلون، نعم، أن تبني توكل مدرسة وتعلن عن مساعدتها للطلاب والمرضى وأغلب رموز الوطن المهمشين من جيل الرعيل الأول، ولكنهم رافضين، وغير متقبلين بتاتًا أن تبني توكل لها قوة شبابية سياسية أو أن تتمسك بفكرتها الثورية، محاولة لسلب الذات وتدمير نشاطاتها الانسانية.
أمر جلل واحد أريدُ تلقينهُ إياكم، ويكفيكم لتستوفوا قدرًا كبيرًا خلاله من عدة شروط مرحلية قادمة، حاجتكم مهمة لهذا الأمر، أفكرُ كيف لا تسرقوا من الزمن تدابيره الوقائية لتفيقوا قبل أن يصبح الحوثي بتماسكه أستاذًا لكم، درايتي أن الحوثي نموذج معتل بالنسبة للجميع، ولكن الأمر جاد، أنتم بحاجة ماسة له، كل يوم نتاج تربية الولاء وصناعة النموذج والبطل والمرجعية داخل بنيته جعلهُ إلى اليوم قويًا، أكثر مايبدي نشاطه وحدة صفه وتنظيمه الداخلي، بينما عجزت جميع القوى المواجهة لهُ أن تحافظ على غلبتها وكثرتها بالتماسك، رخوة كل يوم وتنفكُ مجرة من سمتها ودورانها حول فكرة الجمهورية واستعادة الشرعية.
المرحلة التي نمر بها تقديرها تصفية الحسابات السياسية، واشتباك رموزها اليوم جاعل أن قضية البلاد نخبوية بإمتياز، إذًا كيف يمكن لنا اقتراح حلاً قبل أن لا نفكفك بدواخلنا العقد النفسية ونتعامل مع قضية الثأر بحيث لا إمكانية أو بُد من تحقيق معطياته النهائية !، السؤال الذي يتفوه اليوم به الجميع يستدعي الحل على نحوٍ أولي، تدبيره صعب، ولن ” تسبُر ” الحلول بغير شفاء طاقات النخب السياسية المتفق عليها في صناعة القرار أو بترها من المشهد واستبدالها بطاقات أخرى أكثر حيوية، حكمتنا اليوم من قوة حلولنا على غير إدعاء أو تغليب للمصالح وتقاسمات القوى البرجماتية بحسب أن الرقم خمسين نصف المائة، علينا فهم الراهن جيدًا، والانتباه إلى أن الحلول التي نشتريها دومًا لا تشبهنا، إلى حد كبير تكون سريعة الحل بقدر ماهي سريعة التعجل لتذهب إلى صنع أزمة أكبر وحرب شديدة الفتك من سابقاتها.
الأكثرية اليوم تهاجم توكل، وفي الواجهة نظنُ أن محمد جميح الوحيد من يفعل بشعبيته ذلك دون غيره، لقد أوكلوا له مهمة تصريف انسانية المرأة سياسيًا. كنتُ لن أتدخل في ذلك لو أنهم جميعًا لم يتعاملوا مع هذه المرأة ككارثة، يقولون اليوم أن أي كارثة حصلت في اليمن هي توكل كرمان، ويضعونها تحت رحمة شروطهم المُعدة للتنازل عن أفكارها الثورية مقابل تجميل صورتها والعودة إلى أرض الوطن، ثم يسخرون منها بالتوقيت الواحد، وعلى أنها خرجت تسب دون أن تتمنطق بأي فكرة لدحض مواقفهم الجمعية الواخذة لإضعافها وتتفيه الأدوار التي قامت بها، لا أجد أي مبرر وفير لتوكل خلال أكثر من منشور قامت تحتج به وتستخدم ألفاظها الشتامة، سوى أن هذه المرأة واضحة، غير حريصة على الإخراج الفني، ولايوجد لديها خطوط حمراء، أو شيء تخفيه، ولايوجد لديها ذلك الجيش الإعلامي المأخوذ بتصحيحها وتوجيهها ثقافيًا وإعلاميًا، امرأة واضحة، حتى تبني توكل مدرسة تخرج شاهرة صورة لها، تعلنها أمام الجميع وتقول تم، أقل تقدير مني، هذه المرأة أريد لها النجاح، نحنُ نسيء دون فكرة نستند عليها، شططاين مع موجات التعنيف الموجه، وأكثرنا كل يوم لا يسعى لمنح هذه المرأة أدنى مساعدة، وإن بالصمت، حتى أنني كنتُ واحدًا دائم الكتابة والهجوم المبرر والغير مبررر ضد هذه المرأة، ومع ذلك لا طائل من هذا النزيف، يكفي أن يكون الإنسان حقيقًا وأن لا يدفن مواقفه بداخله خوفًا من ضياع شعبيته، أو تحييث الفكرة وجعلها قابلة للمط والصراع أكثر من اللازم، اليوم لستُ أقف إلى صف مرامه الوحيد تحطيم النفسيات والعداء المستفعل، وليس بوسع كلماتي تخريب المشهد ومغالطة الصورة الواضحة تحت دفعات الولاء السياسي أو الديني.