- محمود ياسين
وجد قاسم اسمه أخيراً في الكشوفات التالية التي نشرت البارحة وبمبلغ مائة ألف دولار.
يكاد يجن من الفرح.. أرتبش دخل الحمام وخرج عشر مرات وكل شوية يسلم على الضيوف ويقل لهم: وصلتوا ووصل الخير والبهجات الشهميات، وكل شوية يخرج البطاقة يتأملها ويرجعها للجيب الداخلي بحرص، كأنها ستهرب..
من يرسل لك مية ألف دولار يا جني؟ يقول: هاااه؟ كيف من يرسل لي؟ والا انا مقطوع من شجرة؟ ربك كريم، أتحسدون الناس على مارزقهم الله؟.
وشرع متجاهلا تساؤلاتنا في مكالمات مرتبطة بديون سابقة سيدفعها وينهي كل مكالمة هكذا: زلطك تأخذها على الجزمة.
لا داري يعمل محطة وادإلا يشتري أرضية بالدائري بإب، سنة بس وقيمته مدبول، لو ترون كيف يراكب أصابعه على بعض وهو يردد: قيمته مدبول.
وفجأة أقترح فتح شبكة صرافة وتحويلات، وبنبرة متعالية وواثقة طمأنني قائلا: أكون أدي لك بس الحوالات المنسية، تنشر بها ما شاء الله من كتب وتنفق على المساكين من زلطي، سهل الشي بالبيت..
حالة فوضى عاطفية وبيلوجية جعلته يستأثر بالحمام وحده، وطفت على شخصيته عدوانية لم أتوقعها منه يوما، حتى أنه لا يكف يرد على تساؤلاتي بشأن قانونية استلام مبلغ ضخم كهذا دون أن يدري مصدره، محذرا بأصبعه الهائلة: إلى سمحك لي إلى سمحك لي، احنا عيال عم صحيح لكن ومهمن كنت من عبقرية وجهبذية الزم حدك.
حدي؟
قام المثقف العدني وفي سياق دأبه المعهود في التثبت من كل افصاحات قاسم، قام بالإمعان في الكشف وصرخ فجاة وبنبرة ظفر وشماتة: باياسين ، باياسين موش ياسين، هذا أكيد مقاول حضرمي أدوع يشتغل ويتعامل بدون دفاتر حسابات وبدون مراجع مالي، جننت عارنا عالفاضي..
تدلى الفك الأسفل لقاسم، وقرب الشاشة من وجهه متسائلا: غلط مطبعي؟ وفي غمرة تشتته وذهوله لم ينس تأكيد موقفه المحتج من مراس المثقف العدني في تعمد إحباطه: قسما بالله إنك من أكبر محطميات العالم..
وجوم فحسب، حتى ان المثقف العدني تحول لمصلح اجتماعي ومنظر تنمية بشرية وراح يتحدث عن الهدوء وتجاوز الخيبات، وقاسم يزعطط ببس وزنجبيل وكل ماتطال يده من علب المقيل..
أقترب مني ساهما وعصارة القات تندت من جانب فمه وقال: يساكي لي قالوا إحنا أصلنا من حضرموت؟.