- عبدالباري طاهر
يحيى محمد الشامي كرمز للزعيم الوطني، وانسان بكل المعنى.. يمتد كفاح هذا الزعيم لعدة عقود، وتحديداً منذ نهايات خمسينات القرن الماضي..
اتصاله المبكر بحزب البعث العربي الاشتراكي كواحد من أهم المنظمين بفتح الظاء _ والمنظمين بالكسر جعله في صدارة المدنيين الحزبيين الأقرب لتنظيم الضباط الأحرار الصغار “خريجي مدرسة الأيتام”..
والبعض منهم أبناء منطقته: عبداللطيف ضيف الله الرتبة الأكبر في الضباط، وعلي عبدالغني زعيم التنظيم ناجي علي الأشول أحد أهم بناة التنظيم كثيراً ما تحدث عمر الجاوي عن مقدرة الشامي، وتأثيره الكبير على ضباط الثورة السبتمبرية، حاولت مرات حثه على تدوين علاقاته بهؤلاء الضباط الذين انتموا باكراً للبعث، ولكن تواضعه الشديد يمنعه من الحديث عن أي دور له في صنع الحدث العظيم ثورة الـ٢٦ من سبتمبر ١٩٦٢،
من العسير الحديث عن دور حزب البعث العربي الاشتراكي في اليمن، وفي الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر بدون استحضار الرمزين الكبيرين يحيى الشامي، وأنيس حسن يحيى..
كان الشامي وأنيس في قلب الأحداث الوطنية، وفي مسار الحياة الحزبية والسياسية منذ التأسيس في أواخر خمسينات القرن الماضي..
كان الشامي شديد الانضباط والاقناع والتفاني والزهد ونقاء الضمير و نظافة اليد..
يتحدث الدكتور عبدالعزيز المقالح والدكتور ناجي سريع انهما واثناء مرورهما بمصر في الطريق الى السودان، قد انتظما في البعث على يد الزعيم البعثي يحيى الشامي..
كانت القاهرة مدينة ميلاد تنظيم البعث منذ أواخر الخمسينات وكان الاستاذ محسن العيني أباً روحياً للبعث، وغادر باكراً و لكن الضمير الحي الفاعل والمستتر والمستمر كان يحيى الشامي ولاؤه عظيم ووفاؤه أعظم..
كان حضور البعث في تنظيم الضباط الأحرار فاعلاً، وكان نشاطه المدني النقابي العمالي والسياسي في الجنوب من خلال المؤتمر العمالي، وحزب الشعب الاشتراكي قوياً وفاعلاً في الأسابيع الأولى لثورة سبتمبر ١٩٦٢ توجه طلاب من القاهرة إلى صنعاء للالتحاق بكتائب الثورة..
يحيى محمد الشامي، وسلطان أحمد عمر، عبدالجليل سلمان، سيف أحمد حيدر، محمد أحمد الصايدي، قاسم سلام، صالح عبدالله العولقي، وعبدالمجيد الزنداني، وشخصان آخران وجلهم بعثيون، وقد شكك البيضاني في وجود هؤلاء البعثيين، وبدأ في مضايقتهم والتحريض ضدهم فنصحهم محمد محمود الزبيري بالعودة للقاهرة واستكمال دراستهم..
في القاهرة كطالب يقدم الشامي الأنموذج للانسان المؤثر على نفسه كما تصفه مقالة الأستاذ حسن الدولة المنشورة في وسائل التواصل كشهادة زميله عبدالله جباري..
كانت النجدة القومية المصرية ضرورية ومهمة لحماية الثورة الوليدة أمام التدخل السعودي والبريطاني ولكن مكائد بريطانيا ومراكز القوى المصرية وصراع المراكز العربية: القاهرة، دمشق ، بغداد كان اثرها سلبياً في صنعاء.
ودفع البعث في اليمن ثمن صراع القاهرة ودمشق..
حضور الشامي والبعث قوي في انقلاب ٥ نوفمبر ٦٧ بسبب التجاوزات غير المنكورة ومالحق بالبعث كامتداد للصراع القومي وسوء تقدير أيضاً.. ربما أدرك البعثيون وزعيمهم الشامي الذي أذاع بيان نوفمبر ٦٧ خطأ موقفهم فخرجوا من المشاركة، وذهب قادتهم للمعتقلات ليتلقوا مع خصومهم السياسيين من قادة حركة القوميين العرب، “الحزب الديمقراطي الثوري”
التطورات الوطنية والقومية واستقلال الجنوب..
وادراك طبيعة ٥ نوفمبر ومآسي أحداث أغسطس ١٩٦٨ وفي الأخير انقلاب حافظ الأسد ١٩٧٠ والانفتاح على الفكر الماركسي حتى داخل سوريا وبروز زعيم يعني مفكر كياسين الحافظ لها تأثير كبير على التحول داخل منظمة البعث في اليمن.
كان يحيى الشامي وعلي عقيل وأحمد الصايدي من حاضري المؤتمر في دمشق الذي انتهى بانقلاب حافظ الأسد ضد القيادة اليسارية ونجا يحيى الشامي وعقيل والصايدي بالفرار من سوريا إلى لبنان.
كان لهزيمة ١٩٦٧ وبروز دور المعسكر الاشتراكي وتيارات اليسار تأثير كبير على منطقتنا العربية، واليمن من البلدان الأكثر قابلية واستجابة للتغيير..
وشهد البعث في المركز الرئيسي دمشق صراعات مريرة، وشهدت منظمة البعث في اليمن خروج بعض من عناصرها قبل التحول إلى “حزب الطليعة الشعبية”.
ويستطيع الأستاذان: أحمد الصايدي وحسن شكري تقديم رؤية لهذا التحول، وإن كان للدكتور أحمد الصايدي موقف نقدي مغاير لطبيعة التوحيد ودللت الأحداث على صوابه..
ظل الشامي في مركز القيادة حتى بعد انتخاب عبدالجليل سلمان كامين عام للحزب في الشمال في المؤتمر الأول، ومثل الحزب في توحيد الفصائل الخمس وفي التوحد مع الحزب الاشتراكي _ والشامي شفاه الله شديد المبادرة والحضور للعمل الوطني، فهو عضو في منظمة “مناضلي الثورة”، كما أنه أيضاً في جماعة نداء السلام منذ التأسيس يواضب على الحضور، ويقدم أراءه بنزاهة واخلاص كداعية سلام رافض للحرب حريص على سلامة الوطن ووحدته، فله التحية والمجد و الخلود.