- كتب: فارس العليّ
في مثل هذا اليوم، رحل الفنان الكبير أبو بكر بلفقيه وترك للصبابة إرث النحيب وحيدة إلا من صوت أسطوري ساطع..
رحلت الحنجرة التي كانت خلفية لأفراحنا وأحزاننا، الصوت الذي حلق في سهوبنا وتباب عشقنا
رحلت اللحظات الخاصة جدا منا، من شقاوتنا وامتثالنا في الحنين..
كان بلفقيه الفنان الذي يغني لرحلة في أصقاع الوجد وبينما نتقدم تظفر أغانيه مخيلة السفر وتشبك الذكريات زمنية المواقف عكرا وصفاء..
غنى للمراهقة والشباب ونضجت أغانيه معنا ولم تكهل بعد، غنى للمروج وانتظر النسيم هبوب صوته الخاشع، واسترجع البلابل من صدوحه شبابة التغريد “ياراد يا عواد”.
في طفولة العشق يكبر الحب بصوت جهوري ولا نجده نحن المتيمين إلا في دان سالم بلفقيه، ثم يميل الولهان للقرار فلا يستقر مقامه سوى في عذوبة ذلك الهدوء المُجاد من حنجرة مستهامة..
أبو بكر لَدَانة الأغنية وطراولة “الإمتاع و المؤانسة ” حينما يغني يتشابه كل الغناء لتبقى الأغنية الفريدة صوته والإشارة الموسيقية مَستَرته..
أبو بكر كوة جرح هام كثيرا وتغذى من مسافاته الشجن، مغافل الزلات الحلوة، ومعتلها بلا منازع..
يهيم كثيرا قبل بدء الأغنية ثم يجيئنا بمعناه لحنا وأداء، إنه ذلك التجريب الحقلي في تمثيل الأغاني بصرافة دلالية فائقة الإحساس..
هو، دلال “علل الأشياء” المستخرجة من مأزقية تنهدات خوافقنا المدنفة أقل لهثا من رنين الوتر وأبلغ وقعا من سرور الألحان.
- الصورة من وثائق الأستاذ عبدالرحمن الغابري