- غسان حيدر
أجريت تحقيقا صحفيا قبل حوالي 25 عاما وانا طالب في كلية الإعلام بعنوان ماذا وكيف ومتى نقرأ ؟ تم نشره في صحيفة الثورة وكان أحد ابرز الشخصيات الأدبية المعاصرة في اليمن التي حاورتها لإثراء التحقيق شاعر اليمن وأديبها الكبير الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح حيث كان يشغل في ذلك الوقت رئيسيا لجامعة صنعاء ورئيسا لمركز الدراسات والبحوث.
أعتقدت بأني سأجد صعوبة في العثور عليه، وتفاجأت بأنه يكفي أن تقول لمدير مكتبه بمركز الدراسات: أود مقابلة الدكتور.
تم تحديد الموعد وذهبت وأنا أحمل هم اللقاء الذي سأقف فيه أمام شخصية لها وزن وقيمة وتاريخ وأنا الطالب المستجد في كلية الإعلام حديثة النشأة .. حينها كل ذلك تبدد فقدرته على إقناعك بأنه صديقك الوحيد الذي ترك كل شيئ خلفه ليتفرغ للحديث معك برضى كبير يؤكد بأنك أمام عالم كبير ، كيف لا ورأس التَواضع أن تضع نفسك عند مَن هو دونك وعلمت بأن مكتبه مفتوح ولا يرد أحداً ويستقبل كل الناس ببهجة وسرور.
بدأت بتحضير جهاز الكاست لتسجيل اللقاء فقال لي : لا داعي فأنا أفضل أن تدون اجاباتي بدون تسجيل .. هذا الأمر خلق عندي جو مليئ بالألفة وأعطاني فرصة أكبر لتأمل اجاباته، فقد كان يجيب بشكل منهجي وتحمل عدة أبعاد فعلى سبيل المثال لا الحصر سألته متى نقراء؟ أتذكر إجابته حتى اليوم قال : سأجيب متى من حيث الزمن ومتى من حيث الوقت؟ وذكر لي أمثلة لشخصيات أسعد أوقات القراءة لديها أثناء السفر في المسافات الطويلة والبعض في الحمام وآخرون مستلقين على ظهورهم وأضاف هناك أناس لا تستهويهم الكتب التي تطبع على ورق أبيض ويفضلون الكتب المطبوعة على ورق مائلة للصفار..
وعن عناوين الكنب التي تستهويه ذكر بأنه يقرأ ما تقع عليه عيناه لأن القراءة بالنسبة له كالغذاء فكل ما جاع أقتنى كتابا جديدا.
أستمتعت لحديثه الثري لأكثر من ساعة وتذكرت شرف حواري معه اليوم بعد سماع خبر وفاته المحزن،
أعزي نفسي وجميع أهله وأصدقائه ومحبيه والوطن بأسره والإنسانية جمعاء في وفاة أحد أعلام اليمن المعاصر الأديب والمثقف الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح وإنا لله وإنا إليه راجعون.