- ضياف البراق
ليس في هذه الحياة ما هو أجمل من التصوُّف. بل إن التصوُّف هو نفسه الجمال، وهو أيضًا ابتكار الجمال، وتنميته، وممارسته في كل جوانب وأمور الحياة.
التصوُّف هو عشق البساطة، والعيش بها، وفيها.
طبعًا ليس من فرق بين التفلسُف والتصوف، فكلاهما سيان، عندي بالذات. التصوف تنوُّر داخلي، وسلوك مُهذَّب.
التصوُّف يعني: تعاطي الحياة بطريقة فلسفية مُبدِعة ونقية، أو بتفنُّن إنساني أوسع وأسمى وأشمل، أو بنزعة إنسانية نزيهة، بحيث تتعامل مع كل شيء بحب نابع من الداخل العميق.
التصوُّف هو أن تكون دائمًا شاعرًا. فالشاعر إنسان جميل باستمرار، شفّاف، لا يقسو على شيء، لا يخون الحقائق بل هو الذي يسعى لاكتشافها والدفاع عنها، وكذلك يبدع لنا الجمال من أجل بقاء حياتنا جميعًا في تطور وتجدُّد مُستمِرين.
الشاعر ينظر إلى العالم بقلبه النقي، لا بأنيابه ولا بقفاه. الشاعر ثائر حقيقي من أجل النور، من أجل المحبة، إحساسه مرهف عند أو أثناء التواصل مع جميع الأشياء والكائنات، ويسعى دومًا لجعل الإنسان، فوق كل شبر في العالم، قيمةً مقدسة.
الشاعر عدوّ لشيء واحد فقط: الكراهية. والكراهية إنما هي لوثة نفسية خطيرة جدًّا، ورخيصة مثلها مثل العبودية.
وهو كذلك يكره العنف، ويرفض بجميع ألوانه. لا يوجد عنف في بيئة تخلو من الكراهية.
فهو، أي الشاعر الصوفي، يؤمن عميقًا بأن في ظل الكراهية لا يتفتّح الجمال، بل لا يكون له أي معنى، وأنه يستحيل تغيير العالم نحو الأفضل، بالكراهية واللا تسامح.
كل متصوف هو شاعر، حتى وإن لم يكتب شعرا، أي إنه شاعر بسلوكه، برهافة إحساسه، ونقاء فكره.
اجعل حياتك فلسفية على الدوام.
وبتعبير مُختصَر، وأفضل: كن صوفيًّا.
التصوف هو التحرُّر المُستمِر، التفتُّح من الداخل، التطور والنمو على نحو أجمل، إنه التسامي بالروح والفكر معًا.
التصوف هو الرقص الروحي الحُر، الذي به تتكشّف الأشياء العميقة، وتتكامل، وتتعانق.
والصوفي إنسان بسيط جدًّا، بسيط في كل تفاصيل حياته، ذهنه طليق ومتوقد، وقلبه في حجم هذا الوجود كله.
التصوف، باختصار، هو أن تكون فنّانًا في كل شيء. والفن، تمامًا كالحرية، لا سقف له ولا أي حدود. الفن، أخيرًا، إن لم يكن صادقًا، أو أصيلًا، بالتأكيد قد يصبح بلا معنى، وعديم قيمة، في الوقت ذاته.
يجب أن نحب، ونعشق، ونغامر باستمرار، وأن نحتضن الشجرة والنهر والطين والحيوان والحجر.
والصوفي الحقيقي هو الذي يُقدِّس المرأة، لأنها هي منبع الحياة والجمال والفرح.