- أحمد طه المعبقي
الخطوات التي اتخذها المجلس المحلي في مديرية طور الباحة تعد أول خطوة جادة، تأتي ضمن معالجة آثار حرب صيف 1994م حيث أتخذ المجلس المحلي استعادة اسم الشهيد الطيار علي مقبل علي، إلى مستشفى طور الباحة، وهو الاسم الذي طمس من المستشفى عقب حرب صيف 94 م.
يعد علي مقبل علي، من أوائل الدفعة الذي بعثت للدراسة في الاتحاد السوفيتي هو ورفيق دربه الشهيد بكيل هاشم، أستشهد علي مقبل في نهاية سبعينيات القرن الماضي، وهو يقوم بواجبه الوطني..
وعلى العموم يعد علي مقبل صاحب الفضل الاول في أنشأ أول خلية يسارية في قريتنا..
لذا، سوف أسرد لكم كيف أسهم علي مقبل في تشكيل هويتي الثقافية وتوجهاتي اليسارية رغم أني كنت طفل في عمر الثلاث سنوات عندما استشهد، بعد بضعة سنوات من استشهاده قامت والدته العمة رقية بنقل مكتبته إلى منزلنا، تحسبا لأي مهاجمة لمنزلها من قبل الأمن الوطني، بحثا عن أبنائها، الطيار فضل، والأستاذ سلطان، اللذان كانا في ذلك الحين يدرسان في جمهورية اليمن الديمقراطية، والاتحاد السوفيتي.
كانت تلك المكتبة الذي تركها الشهيد علي مقبل، مكتبة يسارية ضخمة تحتوي على كتب فلسفية وتاريخية، وأدبية، فيها أيضا أهم الأعمال الفلسفية والتاريخية والأدبية للكتاب اليساريين الروس والعرب..
أسهمت هذه المكتبة في صبغة قريتنا والقرى المجاورة بالصبغة اليسارية، حيث كان أخي الأكبر محمد كريم في توزيع الكتب، كان كلما أستقطب شخصا إلى صفوف الحزب يهدي له مجموعة من الكتب، وظلت هذه الكتب تتداول بين شباب القرية والقرى المجاورة، وأثناء إلتحاقي في صفوف التعليم الابتدائي وبدأت أعرف أبجدية القراءة والكتابة، كان أول كتاب قنصته من داخل المكتبة، هو كتاب (الأرض يا سلمى) للقاص محمد عبدالولي، كون عنوان القصة أرتبط بأسم أمي سلمى، ومن شدت حبي لأمي أيضا شدتني
رواية (الأم) وهي رواية قصصية للكاتب مكسيم غوركي يتناول من خلالها ظروف ثورة البلاشفة لتأسيس وتعزيز النظام الاشتراكي، طبعا كنت شغوف لمعرفة محتوى هذه الرواية، لكن كنت كلما قرأت مقطع منها لا أفهم شيء مما أقرأه، طلبت من أخي محمد بأن يشرح لي محتوى قصة الأم، وبدأ أخي يبسط لي القصة رغم أن معظم كلامه كان غير مفهوم أكبر من مستوى عقلي، المهم كل ما خرجت فيه من خلال شرح أخي محمد لقصة الأم أن هذه الأم مناضلة تقف إلى جانب الفقراء ضد الأغنياء الذين يسلبون أراضي الفقراء..
على أية حال نستطيع القول بأن هذه المكتبة الذي تركها لنا الشهيد علي مقبل هي من شكلت هوية معظم أبناء القرية، وكنت كلما أجد مقتضبات ومقصوصات من الورق بخط الشهيد، أكتشف بأن علي مقبل كان عظيما لم يكن قائدا عسكريا فحسب، بل كان مثقفا ومفكرا من طراز جديد، أيضا كانت أمي تحدثني عن دماثة أخلاقه، ونبل قيمه وكيف كان محبوبا ومؤثرا في وسط مجتمعه..
في الختام نثمن الخطوات التي أقدم عليه المجلس المحلي في طور الباحة في استعادة ذكريات الأجيال لأسم علي مقبل علي، كذلك نتمنى من المجلس المحلي استعادة جميع أسماء قادة الحركة الوطنية التي طمست من معالم المؤسسات الحكومية عقب حرب صيف 1994م، على سبيل المثال الشهيد نجيب، والشهيد الحوباني، والشهيد عبدالخالق صائل … الخ.
لذا، نكرر شكرنا للمجلس المحلي بمديرية طور الباحة صاحب الأسبقية الأولى لمعالجة آثار حرب صيف 94م