- فارس العليي
جثتان تساءلتا ..
كان اللون أبيض، ذاكرتهما طفلة ، ارادا أن يصبح لهما وطنا، رأتا شوارع ومنتزهات ، و امكنة مناسبة للمواعيد، و
حبيبتان تلوحان لهما بثوب الفرح .
جثتان لم يأبه لهما الرئيس، او الزعيم، او السيد، او الشيخ ،او الأمير،
وﻻ المولى او حتى الشاعر ..
جثتان ، تمسكان بالوطن من كل قلب من كل جهة ،
من كل حلم ، و بهجة ، من كل لون وطيف ، من كل زهرة وعسل ..
جثتان تركضان في “سرير أخير” ﻻ تدريان لماذا اخيرا اجتمع الناس وهللوا !
جثتان عندما عبرت الطائرات رأسيهما، لم يرفعانه لينظرا حجم القذيفة الساقطة، لتفجير ضمير الإنسانية
ﻻ يهم حجم الموت الذي سيميتك ، وﻻ حجم الصوت الذي سيتغلب على صرختك، وﻻ شدة اللهب الذي ستخلفه القذيفة في نواحيك الصامدة والصادقة .
جثتان تركضان الان في نفس اخير .
الجثتان تفحتما ، الأسئلة تناثرت من قطرات دمهما ،
اسئلة حائرة كانت وتائهة وتتساءل:ماذا عن القضية الوطنية الواحدة ، ورفرفة العلم كلما هبت ريح الانتماء، بذلك الشعور الوطني الممتع والعجيب.
الجثتان تفحمتا بالأسئلة الخائنة والقاسية والكافرة والجائعة والخائفة …
الجثتان تتفحم،
الكثير يتساءلون عن المشتقات النفطية ، بكاء الأطفال يتساءل عن الحليب ،
الظلام يفتقد الكهرباء،
الأصدقاء توزعوا على جغرافيا اللهجات واللكنات ،
مخارج الحروف تتنوع ، تلتبس المناطق ، والصلاة تؤمم شطر المذاهب والطوائف ، الاعلاميين والسياسيين والأكاديميين، يبحثون عن المصطلحات الجديدة ، وفي
الكتب القديمة،
عن ما يعزز قرويتهم بأنفعال مناسب على شاشات الفضائيات
الجثث تتفحم ونحن نلقن اطفالنا دروس البغض والكراهية واللؤم ،
ﻻ ننسى تعليمهم كيف يظهرون امتعاضهم وارتياحهم بطقوس جغرافية تناسب اقاليم مخرجات الحوار …..
ﻻ ادري الان حقا من الذي تفحم …. نحن أم الجثث ؟