- فكري قاسم
تعرف يامهيب زوى اني كنت مكتئب في هاذيك الأيام من العام ٢٠١٢ عندما داويت نفسي العليلة بصحبتك اليومية..
وكان عودك طبيبي الخاص ياصاحبي؛ بينما كانت أغاني الفنان علي عبد الله السمة بصوتك الشجي؛ في سهراتنا اليومية الجميلة؛ تعيد ترتيب روحي الذاوية من جديد بكلمات وأوتار..
حتى في كل هاذيك الرحلات الدائمة التي تنقلنا خلالها معا في أماكن كثيرة داخل البلاد؛ رفقة شلة الأصحاب الملاح؛ كنت انت الطاقة الإيجابية يامهيب..
وكنت أنت روح الرفقة المؤنسة في الطريق
وكان حضورك الأنيق بيننا؛ في كل مكان نكون فيه؛ هو سحابة الحب الممطرة من سماء ربي..
وانت ياصاحبي لم تكن في هذي الحياة مجرد صحفي يكتب القصص الإنسانية وينشرها في الصحف والمواقع الإخبارية فقط؛ بل كنت أنت الإنسان نفسه؛ بشحمه ولحمه وبطريقته الحلوة في ترويض الضجر وفي كسر رتابة الأيام وفي جعل الحياة الصعبة؛ تبدو جميلة في كل أوقاتها؛ بلا تكلف أو تصنع؛ وفي التحايل الفنان على كل الظروف التي تستدعي تعكير المزاج..
وأنا شخصيا يامهيب؛ لم ارتبط في حياتي كلها بصحبة يومية وثيقة؛ صارت؛ خلال سنتين متواصلتين؛ لصيقة بي أكثر من أية شيء آخر حميم يمكنني الحديث عنه؛ مثلما كان حال ارتباطي اليومي الوثيق بك أنت ياصاحبي المتدفق مثل شلال الى كل أوقاتي الحميمة..
مررنا بأوقات صعبة وقاسية أثناء اندلاع الحرب يامهيب بينما كنا مبحرين معا فوق سفينة الحياة؛ في مشهد قد يبدو قريب إلى حد كبير جدا من مشهد الناس المبحرين على سفينة التيتانك..
وبينما كان ذلك الهلع والخوف من المستقبل ومن المصائر المجهولة التي ستتركها فينا الحرب؛ يتسرب إلى قلوبنا واحنا نشوف بلادنا وهي تغرق في قلب المحيط؛ كنت أنت صانع السعادة الذي لا يخاف من الغرق؛ وبقيت كما أنت؛ تعزف وتغني للحياة بلا توقف؛ تماما مثل عازفي الكمان فوق سفينة التيتانك..
وكانت البلاد تغرق وتغرق..
وأنت تمنح الأمل في اقسى واصعب اللحظات..
اااه ؛ كيف مت يامهيب ؟
كيف تجرأت على هذا الرحيل الغير متوقع ؟
كان حادث مروري قبل عيد عرفة بأيام واستمريت في غيبوبة لفترة ثم غادرت دون ضجيج وتركت أصابعك تعزف على أوتار قلبي كل ألحان هاذيك الأيام الجميلة..
وأنا الآن لا أرثيك ياصاحبي..
مثلك خالد في الذاكرة لايموت .وانما ادون في غيابك المفاجيء والحزين شيء بسيط من مخزون المحبة والوفاء للصحبة الجميلة التي حظيت بها في رفقتك يا”دقم”.
وأنا أكتب سطوري في حضرتك الآن؛ باعتباري مازلت إلى هذه اللحظة؛ واحد من الاصدقاء الناجين من غرق السفينة في رحلة عمر كنت أنت فيها واحد من أجمل وأحب وأصدق صانعي الفرح في قلوب محبيه..
ألف رحمة عليك ياصاحبي الفنان والصحفي والإنسان المليح الذي لن يتكرر في حياتي مرتين.
- هذه الصورة جمعتني بالفقيد مهيب زوى في رحلة شبام كوكبان التقطها الزميل عارف الأتام سنة ٢٠١٣
المقال من كتاب مهيب في تأبينيته الأولى