- عمار الأشول
هذا اليوم، لم تطوهِ الأيّام، ولن تتجاوزه الظروف، بل العكس من ذلك، كلّما تعاقبت أيامه، وتكالبت من حوله الأحداث، صار عند الشعب أسمى، صار أعظم، وكأنه خُلق ليبقى لليمن قِبلةً، ولليمنيين يوماً مقدّساً، يحتفلون به مرّةً في العام، ويقدّسونه كلّ أيّام السنة.
في لحظة فارقة من التاريخ اليمني، استطاع علي عبد المغني ورفاقه الأحرار تحقيق هذا الإنجاز الخالد، مُعلنين ميلاد عهد جديد لكلّ أبناء اليمن؛ عهد تساوى فيه أبناء الشعب وصاروا جميعاً يحملون نفس اللقب؛ لقب “مواطن”. ولو لم يكن لهذا اليوم من إرثٍ سوى إلغاء الطبقات وتحقيق المساواة بين الناس، لحقّ له البقاء والخلود.
بعد 60 عام، يقول لنا الواقع وتؤكد لنا الأحداث، بأن سبتمبر يتجسّد مع الأطفال ويزدهر في تطلعاتهم. بأنه سيبقى على جبين الرجال وفي قلائد النساء. في حروف مطهر الإرياني، وقافية عبد الله البردوني. في قصائد عبد العزيز المقالح، وصوت أيوب والآنسي والسنيدار… ستتوارثه الأجيال وشتلات البُن، وتحميه السيقان النحيلة، التي صنعت من المدرّجات معجزات، لتزرع المجد وتحصد الحرّية.
يتفرّد 26 سبتمبر، في أنه لم يُختزل في أسرة، ولم يُحتكر في مدينة أو منطقة، لقد شارك فيه الساحل والجبل، الريف والحضر، المتعلّم والأُمّي، العسكري والمدني… في هذا اليوم التحمت جبال ردفان بالمحابشة، وانصهرت وديان تهامة بعيبان، وعانق جبل حديد جبل عمّار، لتتشكّل، من خلال هذا التلاحم الوطني، روح واحدة وجامعة لكل أفراد الشعب، هي الجمهورية.
ما يميّز هذا اليوم، أنه ملك الشعب، كلّ الشعب، لأنه من صَنعه وأنتجه، حتّى قادته، لم تُغرهم السلطة، ولم يدّعوا فضلاً ولا منّة، لأنهم نتاج هذا الشعب، أبناء هذا الشعب، ضمير هذا الشعب، خلاصة مُعاناته وإرادته، تلك المعاناة التي تمخّض منها هذا العيد، والإرادة التي أنجبت فرحته.