- محمود ياسين
تهولون من أمر انتصار الحمادي حد الغرابة، وكأنها الزعيم السري للقاعدة وداعش وبوكو حرام، بينما هي مجرد فتاة عادت للبيت ولن يترتب على الأمر شيئ غير حس بأن هناك مالا يزال جديرا بالتوقعات الجيدة..
الخطر في بقائها سجينة وليس في إطلاق سراحها، أي نظام أخلاقي قد تنال منه انتصار غير ماتبقى بينكم وبين الناس من أعراف وأسلاف..
هذا ظلم وعناد واستخفاف بمصير فتاة وقعت بين أيديكم وإن كان هناك وفقا لمرافعتكم الاتهامية من ذنب فقد نالت عقوبتها، وتبقت هذه الحالة من الجبروت والعناد المزيج من كل مايبعث الشؤم والإرتياب..
وكأنكم في حالة من التصميم في جعل مصير بنت الحمادي عقوبتكم، وماضون إثر هذه العقوبة المنتظرة والتي ستترتب على مصير فتاة وحيدة وعزلاء إلا من بقية رحمة لديكم وإحساس وفهم لجوهر العدالة، ولو كانت عدالتكم أنتم، عدالة القرويين من حرف سفيان ومن سحار وحيدان وساقين، القروي وهو يدرك الحد الفاصل بين العناد وبين المسؤولية، وكيف أن شرف فتاة وحيدة رهن بشرف سلطة، سلطة لامبالية سياسيا حتى ولا تفكر في عواقب احتمال أن تقدم فتاة يائسة على الانتحار مثلا، وأي وجع وهول جماعي قد يترتب على هذا، وأي صورة ستثبتها أصابعها الباردة وقد خمشت ملامحكم على جدران الزنزانة؟!
صورة خلفتها فتاة رحلت عن العالم لحظة تكاثف قنوط الزمن وغباء القوة، تلك النهايات التي يخلدها البشر العزل أثناء تصدعهم من هول فضيحة مدبرة وملفقة لتنتهي الحكاية بفضيحة سلطة، سلطة إن لم يتبقى لديها حس الرحمة فلتتمتع قليلا بيقظة من يتجنب كارثة ورصيدا إضافيا _ لا تحتاجونه _ في قائمة مرافعة البشر الضعفاء وهم يدمغونكم لحظة القنوط بالتوحش.