- كتب: حسين الوادعي
بنى كاظم شهرته بذكاء واجتهاد على جناحين: الاستناد على قامة نزار قباني الشعرية العملاقة، وتسويق صورة ذهنية للمعجبين والمعجبات مبنية حول تيمة “الرجولة المؤنثة”.
فقد حرص على تقديم نفسه شخصا خجولا وعاطفيا ينهار من الكلمات العاطفية ويتحدث دائما بصوت خافض ناعم النبرة وغيرها من الصفات التي كانت مؤنثة حصريا في الماضي. ناهيك عن ترويج تيمة الحزن والوحدة والألم وهي تيمة عزف عليها قبله فنانون كثر كآلية للتسويق.
صعود شخصية الرجل الناعم كشخصية جاذبة للنساء حدثت في المجتمع العربي نتيجة تحولات إجتماعية عميقة في قيمة الحب وعلاقات المساواة بين الجنسين وانتقاد قيم “الرجولة السامة”.
ليس صعبا ملاحظة نسج كاظم على المنوال نفسه الذي نسج عليه عبدالحليم حافظ بمهارة.
لكن عبدالحليم كان أصدق من كاظم لأن حالة “الرجولة المؤنثة” كانت قريبة من شخصيته الهادئة كما كان لها أبعاد فسيولوجية حقيقية نتيجة ازدياد هرمونات الانوثة عنده بصورة متصاعدة في مختلف مراحل مرضه بسبب تلف الكبد.
ورغم كثرة محبي عبد الحليم الا ان الكثيرين رفضوه بسبب هذه الصورة واتخذوا منها سلما للتشهير به ومن ضمنهم احمد فؤاد نجم والشيخ إمام في قصيدتهما الشهيرة “فوازير” التي يصفان فيها عبد الحليم :
لماليمو الشخلوعه
الدلوعه الكتكوت
الليله حيتنهد
ويغني ويموت
ومن الطريف انه في نفس فترة بناء صورة الرجولة المؤنثة عند عبدالحليم كانت أم كلثوم تقدم صورة “الأنوثة المذكرة” وتقلب علاقات السلطة بين الرجل والمرأة وتبني سطوة شخصية طغت على كبار عصرها من الرجال. الأنوثة الكلثومية المذكرة جعلت البعض يطرح فرضية “مثلية” أم كلثوم لكنها تضل فرضية بلا أدلة.
ارتبطت صورة الرجولة المؤنثة باختيارات كاظم لقصائد نزار. فنزار نفسه قدم نفسه من خلال شعره في ثلاث صور مختلفة: الرجل الشهريار والرجولة المذكرة في قصائد أشهرها “الرسم بالكلمات”، وشخصية الثوري النسوي في “القصيدة الشريرة” و”حبلى”، وشخصية الرجل المؤنث في قصائد “أشهد أن لا امرأة ، علمني حبك، قولي أحبك” وهي القصائد التي اختارها كاظم بعناية لتكملة الصورة الذهنية الاعلامية التي روجها لنفسه.
كان كاظم مجتهدا على المستوى الإعلامي في ترويج ثقافويته النزارية التي سعى من خلالها إلى وضع نفسه في مرتبة أعلى من بقية المطربين حتى وان كانت موهبته أقل منهم. وفي ترويج صورة الرجولة المؤنثة في زمن كان الفكر النسوي قد نجح في تحدي الصورة النمطية للرجل الشرقي الخشن والقاسي.
لكنه، من وجهة نظري، وعكس نموذجه السري “عبدالحليم” لم يكن صادقا في الجناحين الذين أراد بهما التحليق عاليا دون منافسة.
……..
- ملحوظة: مصطلحات “الرجولة المؤنثة” و”الأنوثة المذكرة” ليست مدحا أو ذما، هي توصيف محايد لتحولات مفاهيم الانوثة والذكورة في المجتمعات الحديثة.