- نبيل الشرعبي
كلما أفتح الفيسبوك تصدمني تطبيقات مثل: اكتشف من يقف إلى جانبك، اعرف أسوأ ما فيك من عيوب، اضغط الحبل لتعرف شخصيتك، انقر على الحمامة لتعرف صفاتك، وتطبيقات أخرى..
أرى أن الهدف الرئيس من هذه التطبيقات، تعطيل ديناميكية الحوار مع النفس، وهروب من الواقع الذي يصبغنا بالمرض السلوكي والتفكيري، إضافة إلى تجهيل ذواتنا بمن نحن وكيف نتصرف، وما السيئ وما الجميل فينا، ؟..
هل يُعقل أن بشر عاقل؟ ويعيش طبيعيا دون أي عاهة عقلية أو نفسية مرضية، لا يعرف من يكون، وما السيئ في سلوكياته وتفكيره وحتى أمنياته ونظرته لما حوله.. لا أعتقد ذلك إلا إن كان مختل عقليا أو وصل به الحال في حالته المرضية النفسية حالة متقدمة..
لتعرف وبمصداقية، من يقف إلى جوارك ومن يحبك أو ينزلك منزلة رفيعة في وجدانه، قم بجردة حساب لتعاملاتك مع من حولك، وكم نسبة حرصك على ترميم قلوبهم والعكس أي كسر قلوبهم، حينها ستدرك الحقيقة، ولا داعي للهروب من الواقع والتشبث بنتائج هذا التطبيق أو ذاك..
ومن الواقع سيكون من يحبك، هو الذي لم تتسبب له بالآذى، ولم تخنه لا في ماله ولا عرضه وشرفه ولا في كتم سره، وكذلك من أسديت له نصح وتوجيه صادق ونافع، أما والديك فحبهم لك فطري..
ولتعرف أسوأ ما فيك من صفات وعيوب، فما عليك غير أن تفتش في سلوكياتك ورغباتك وخططك وتعاملاتك وردود فعلك في المواقف الصعبة، فتش في نواياك وأمنياتك وستعرف ذلك..
وعلى سبيل المثال: من أسوأ ما فينا: عدم القبول من الأخر بـذكر سلبياتنا وضرورة معالجتها.. أيضا من أسوأ ما فينا أننا لا نرى من حولنا إلا بدونية ولا نتوقف عن سلخهم في غيابهم بما ليس فيهم.. كذلك من أسوأ ما فينا إدعاء الكمال وأننا فلتات الزمن.. أضف إلى ذلك الأنانية والحقد والكراهية والبغض، والإساءة إلى كثير ودون سبب غير أنهم رفضوا أن يكونوا نسخة منا..
فلا داعي للهروب من خيباتنا وخطايانا وعيوبنا، ولا داعي لتعطيل الحوار مع الذات، وقياس السلوكيات والتصرفات والعلاقات مع الأخر، ومن ثم تحديد ما الذي يؤذي وتجنب ممارسته مع الأخر، وما الذي يبث فينا الأمان والسعادة وممارسته مع الأخر..
لا تنسلخ من واقعك وتنمقه بالترهات.. بل ابحث عميقا في ذاتك وقم بتنقيته.. وما سوى ذلك فأنت تخون ذاتك وقلبك، وتتقمص الفضيلة وأنت غريب عنها.. وهذا أسوأ ما فينا..