- عبدالباري طاهر
زيارة جو بايدن للمنطقة: اسرائيل والعربية السعودية والبيانان الصادران عن الزيارة تكشف الأهداف الأساسية للزيارة، والمتوخى..
البيان الصادر عن لقاء بايدن ولبيد في نهاية الزيارة يوم الخميس ١٤ يوليو ٢٠٢٢ ركز البيان الأمريكي الإسرائيلي شديد الاقتضاب والتركيز على:
أولاً اسمي البيان ببيان القدس، وللتسمية دلالة تتساوق مع دعاوى الاحتلال بالقدس كعاصمة موحدة لإسرائيل .. وهو ما أعترف به الرئيس ترامب وكان يتجنبه كل الرؤساء الأمريكان رغم إقرار الكونجرس بذلك، وهو ما يعني التماهي مع قادة الاحتلال في رفض ” قضية الدولتين ” عملياً ” !
أكد البيان على منع إيران من إمتلاك سلاح نووي كنقطة أولى وكفزاعة للسعودية والخليج ومدخل لقبول التطبيع، وقبول الإندماج، والتحالف الأمني والاقتصادي، وهو ما أكد عليه البيان في النقطة الثانية “بناء هيكل إقليمي لتعميق علاقات إسرائيل وشركائها ودمجها في المنطقة وتوسيع دائرة السّلام لتشمل دولاً عربية و إسلامية أخرى” .
يلاحظ هنا أن السلام مطلوب ليشمل دولاً عربية وإسلامية ليس من ضمنها فلسطين الوطن المحتل وأهلها “أصحاب القضية” .
فالبيان بالأساس موجه ضد فلسطين ووعد بمساعدة مالية لدعم الانوروا مما يعني تحويل القضية إلى انسانية وهو ما يريده قادة الإحتلال وللأسف الشديد يرضخ أبو مازن والسلطة الفلسطينية لهذا المنطق، الإلتزام بأمن إسرائيل والحفاظ على التفوق العسكري النوعي، وعدم السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي، ومواجهته الأنشطة الإيرانية بالمنطقة سواء منها المباشرة، أو عبر وكلائها مثل حركة المقاومة الإسلامية حماس، والجهاد الإسلامي لاحظوا العداء لفلسطين: قومية أو ماركسية أو إسلامية هو الأساس .
دانا البيان الهجمات الارهابية التي أستهدفت اسرائيل في الأشهر الأخيرة، في إشارة للمواجهات في حنين مع الجيش الإسرائيلي وهي المواجهات الفلسطينية ضد الاجتياح الإسرائيلي المتكررة لمدينة جنين والتي استشهدت فيها الصحيفة شيرين أبو عاقلة في الفقرة الأخيرة من البيان يشير بايدن إلى دعم حل الدولتين، “كجملة اعتراضية” .
البيان الأمريكي الإسرائيلي الموجز يحدد الأهداف الأساسية للزيارة فيما يخص المشترك بينهما لفرضه على قمة الأمن والتنمية في جدة، أما ما يخص بايدن فهو زيارة السعودية والإمارات لزيادة إنتاجهما من النفط، وهو الغرض الأساس للأمريكان والأوروبيين في مواجهة الأزمة الخانقة بسبب الحرب في أوكرانيا والمقاطعة ضد روسيا..
أما البيان العربي الأمريكي فواسع جداً يتكون من واحد وعشرين مادة، تتناول مختلف القضايا العربية وقضايا دولية وكالكرم العربي الفائض عن الحاجة والقبول بأي شيء ياتي من الصديق الأمريكي حتى وهم يعرفون كذب الوعود المكرورة ويقرأون بدقة النوايا الأمريكية والطمع اللامحدود في الثروة العربية والانحياز المطلق لإسرائيل تناول البيان الترحيب بالتأكيد الأمريكي الالتزام بأمنهم الدائم، والدفاع عن أراضيهم ؟!
وراح البيان المسهب جداً يؤكد رؤية القادة لمنطقة يسودها السلام والازدهار وايجاد التدابير اللازمة لحفظ أمن المنطقة واستقرارها، وتطوير سبل التعاون والتكامل بين دولها، والتصدي المشترك للتحديات التي تواجهها، والالتزام بقواعد حسن الجوار، والاحترام المتبادل واحترام السيادة والسلامة الإقليمية .
حرصت على نقل البند الثالث حرفياً لا لفضح التكاذب العربي _ أستغفر الله _ فكل مواطن عربي يعرف ماذا فعل الحكام العرب بأوطانهم ولا زالوا والمأساة أنهم يخاطبون الفلسطيني وهم يصافحون اليد الملطخة بدم أبنائه، ولا يمكن لكلام كهذا ان يصدقه العراقي أو السوري أو اللبناني أو اليمني أو السوداني المحروبة والمدمرة بلاده بتواطئ حكامه مع الحكام العرب المسنودين بالصديق الأمريكي وحتى بإسرائيل أحياناً .
البند الرابع تكرار لتأكيد الرئيس الأمريكي الالتزام بتحقيق السلام، وهي وعود تكررت في كامب ديفيد ومدريد و أوسلو ووادي عربة وفي العديد من الزيارات .
البند الخامس مكرس لتطوير التعاون والتكامل الإقليمي والمشاريع المشتركة بين دولهم ولعل الجديد وعد الربط الكهربائي بين السعودية والعراق ولو تحقق لكان أهم إنجاز .
البند السادس إشادة بمبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر التي أعلنهما ولي العهد السعودي، وإشادة بمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، ومؤتمر البستنة في الإمارات عام ٢٠٢٤_٢٠٢٣ ، ويؤكد القادة في البند السابع على أهمية أمن الطاقة واستقرار أسواقها، وفي البند الثامن دعمهم لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ودعوة إيران إلى التعاون الكامل مع الوكالة الدولية، ومع دول المنطقة للحفاظ على الأمن والسلام والاستقرار .
و تضمن البند التاسع إدانة الإرهاب، ويكرس البند العاشر لإدانة الهجمات الإرهابية ضد الأعيان المدنية في السعودية والإمارات .
البنود ١١ و ١٢ و ١٣ و ١٤ و ١٥ و ١٦ و ١٧ مكرسة على التوالي لمساندة: العراق والترحيب بالهدنة في اليمن، ودعم سوريا ولبنان وليبيا والسودان والمطالبة بالدعم المائي لمصر فقط .
ومعروف تشارك بلدان القمة في الحروب المدمرة ضد هذه البلدان، وخلق الدسائس ودعم الاحتراب والعسكر في جل هذه البلدان التي ” يتواعدون ” على دعمها ومساندتها أما بالنسبة للسد في أثيوبيا فبعضهم متورط ومساهم في الإنشاء .
ويتسم الموقف إزاء أوكرانيا بقدر من الحيدة والعقلانية في الدعوة لعدم استخدام القوة أو التهديد بها في البند ال ١٨ أما البند ال ١٩ فدعوة لمساعدة أفغانستان وحق الأفغان في الحصول على حرياتهم ومعروف أن الأفغان ضحايا الصراع الدولي الذي أسهم المشاركون بنصيب وافر فيه وبالأخص السعودية، ومصر يشيد البند العشرون باستضافة قطر لكأس العالم عام ٢٠٢٢ .
وألتزموا في البند الواحد والعشرين بانعقاد اجتماعهم مجدداً في المستقبل بيان الأمن والتنمية الذي تناول قضايا الأمة العربية كلها وقضايا إسلامية ودولية، وكانت قضايا الأمن والتنمية العنوان الرئيس طابع الإنشاء فيه غالب وسخي جداً في منح الوعود، وتزوير الواقع، وأخطر ما فيه عدم المصداقية أو علاقته بالواقع، أو جديته في المعالجة .
والموقف الأهم في قمة الأمن والتنمية عدم الاستجابة الكلية، للمطالب الأمريكية الإسرائيلية في إعلان ” نيتو ” شرق أوسطي، أو إقامة تحالف أمني أو التطبيع الجاهز الناجز بين إسرائيل والسعودية أو قبول الاندماج .
وربما كان السخاء العربي السعودي الإماراتي هو الثمن الأهم لأمريكا وأوروبا، وحتى في جانب التحالف الأمني فهو قائم ومعلن بين الإمارات والبحرين والمغرب وإسرائيل، وموجود بصورة مستترة في جوانب معينة مع بعض الدول العربية الموقعة على البيان .
للبيان الأمريكي الإسرائيلي علاقة بالصراع داخل إسرائيل في صفوف اليمين، وبمعركة الانتخابات في إسرائيل وأمريكا في آن، لإسرائيل كما هو معروف دور في الانتخابات الأمريكية وزيارة بايدن واحد من أهدافها كسب إسرائيل للحصول اللوبي الإسرائي المسيحي التوراتي، وابتزاز الحكام العرب بالتخويف من إيران، واسترضاء وتطمين اسرائيل قبل العودة للاتفاق مع إيران حول النووي .